للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فدعوا لى الشرف الذى شيدته ... إذ هضتموه فانكفا وتضعضعا (١)

لى فى المشارق والمغارب جولة ... يغدو بها قلب الزمان مصدّعا

فادفع بحدّ السيف كلّ ظلامة ... إن لم تجد يوما سواه مدفعا

فبذاك أوصانى الوصىّ ورهطه ... وعلىّ فرض أن أطيع وأسمعا

وهو يخاطب أسرته العلوية ذات الحسب العالى والحظ العظيم واضعا بين يديها شجاعته ونفوذه فى الأمور العظيمة برأيه المحكم وشعره البليغ، ويزعم أنه راض العلا وساسها فى مطلع شبابه وأنه حاول المكارم منذ كان فى المهد مرضعا. وإذن فليعطوه حقه والشرف الذى يمنعونه منه، وكأنه ينذرهم ويهددهم ويتوعدهم إن لم يردوا عنه ظلمهم ويردوا إليه الحق المسلوب، ويزعم أن تلك وصية جده أبى الأوصياء على بن أبى طالب وأبنائه من الأئمة وأنّ فرضا عليه أن يسمع ويطيع.

ولا ريب فى أن هذه المعزوفة التى كان يوقعها كثيرا على قيثارته كان يضيق بها العزيز، غير أن غمتها سرعان ما كانت تنكشف عن صدره حين يستمع إلى مدائح تميم فيه وترديد قدسيته ووجوب طاعته.

ومعزوفة ثانية كان كثيرا ما يعزفها تميم ويلحنها على وتر الفخر فى قيثارته، ونقصد ردوده العنيفة على فخر عبد الله بن المعتز العباسى بأسرته العباسية الهاشمية. وله إزاءه موقفان: موقف يختار فيه قصيدة من قصائد ابن المعتز فى فخره بأسرته وينقضها نقضا بما يصور من مفاخر أسرته الفاطمية. وموقف ثان لا يتقيد فيه بقصيدة معينة يردّ عليها، وهو فى الموقف الثانى حر يختار أى وزن ينظم فيه وأى قافية، أما فى الموقف الأول فيتقيد بوزن القصيدة التى يرد عليها وقافيتها على شاكلة ما كان يحدث بين جرير والفرزدق فى نقائضهما، ومن قصائد الموقف الأول رائية لابن المعتز استهلها بقوله: «أىّ ربع لآل هند ودار» عمد تميم إلى نقضها بقصيدة تماثلها فى الوزن والروىّ، وفيها يقول، رادّا على ابن المعتز والعباسيين جميعا:

ليس عبّاسكم كمثل علىّ ... هل تقاس النجوم بالأقمار

من له الصّهر والمواساة والنّص‍ ... رة، والحرب ترتمى بالشّرار

من دعاه النّبىّ خدنا وسما ... هـ أخا فى الخفاء والإظهار


(١) هضتموه: من هاض العظم إذا حطمه وكان على وشك أن ينجبر.

<<  <  ج: ص:  >  >>