للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجدت عليّا بانيا فورثته ... وطلقا وشيبان الجواد ومالكا (١)

بحور تقوت الناس فى كل لزبة ... أبوك وأعمام هم هؤلائكا (٢)

وما ذاك إلا أن كفّيك بالنّدى ... تجودان بالإعطاء قبل سؤالكا

يقولون فى الأكفاء أكبر همّه ... ألا ربّ منهم من يعيش بمالكا (٣)

وجدت انهدام ثلمة فبنيتها ... فأنعمت إذ ألحقتها ببنائكا (٤)

وربّيت أيتاما وأنعشت صبية ... وأدركت شأو السّبق دون عنائكا (٥)

ولم يسع فى العلياء سعيك ماجد ... ولا ذو إنى فى الحىّ مثل إنائكا (٦)

فإنك تحس المبالغة فى المديح واضحة، وهو يمزجها بالتبذل فى السؤال تبذلا لم يعرف فى عصره. وكل ذلك واضح فيه رقة اللهجة وأن الأعشى من ذوق يخالف ذوق الجاهليين، وهو ذوق جاءه من طول اختلاطه بأهل الحضر.

ولا نشك فى أن هذا الذوق هو الذى جعله فى أهاجيه ينحو نحو السخرية من مهجوّه فى كثير من شعره، وكأنما يجد فيه مرارة أشد وألذع من مرارة الهجاء المقذع. واقرأ معلقته أو قصيدته السادسة فى الديوان التى وجّه بها إلى يزيد بن مسهر الشيبانى، وكان قد قتل أحد بنى قيس بن ثعلبة رجلا من قومه، فحمّسهم للثأر لقتيلهم، فتعرض له الأعشى يهدده ويهجوه مستهلا تهديده وهجاءه بقوله:

أبلغ يزيد بنى شيبان مألكة ... أبا ثبيت أما تنفكّ تأتكل (٧)

ألست منتهيا عن نحت أثلتنا ... ولست ضائرها ما أطّت الإبل (٨)


(١) واضح من الشطر الثانى أن مالكا وشيبان وطلقا أعمام هوذة.
(٢) لزبة: شدة وأزمة.
(٣) يريد بالشطر الأول أن ممدوحه يتهم بأنه يظلم أكفاءه.
(٤) الثلمة: فرجة المهدوم أو ما فيه من شقوق.
(٥) هكذا رواية البيت فى المخطوطة اليمنية وبه بعض الاضطراب فى الديوان.
(٦) إنى: مقصور إناء.
(٧) مألكة: رسالة. تأتكل: تسعى بالشر أو تغضب وتغلى حتى لكأنك تأكل نفسك.
(٨) الأثلة: شجرة. ونحت أثلته: تنقصه وعابه. أطت: أنت. ويريد بقوله ما أطت الإبل التأبيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>