للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دراهمنا كلّها جيّد ... فلا تحبسنّا بتنقادها (١)

فقام فصبّ لنا قهوة ... تسكّننا بعد إرعادها (٢)

كميتا تكشّف عن حمرة ... إذا صرّحت بعد إزبادها (٣)

كحوصلة الرّأل فى جريها ... إذا جليت بعد إقعادها (٤)

وجال علينا بإبريقه ... مخضّب كفّ بفرصادها (٥)

فباتت ركاب بأكوارها ... لدينا وخيل بألبادها (٦)

ورحنا تنعّمنا نشوة ... تجور بنا بعد إقصادها (٧)

ولا تختلف هذه الأبيات المنتزعة من القصيدة الثامنة فى الديوان عن خمريات أبى نواس وأضرابه فى شئ، لولا ذكره للأكوار والألباد فى نهايتها، ولو حذفنا بيتهما لأصبحنا إزاء خمرية عباسية تعتمد على القصص والإطراف به. وهو فى أولها يذكر أن فتى طرقه قبل أن يسفر الصباح يدعوه أن يذهبا معا لتناول الخمر. وذهبا فى هزيع الليل الأخير-قبل أن تصيح الديكة وقبل أن يسبقهما أى كاشح حسود-إلى حانوت خمار أعجمى، كنى عنه بزرقة العين، وهو خمار حاذق لصنعته، استخلص خمره من بكار القطاف، فهى خمر معتقة ومثلها لا يكسد ولا يبور.

وطلبا إليه أن يسقيهما بناقة قاداها إليه، وهى واقفة ببابه مزمومة بحبل غلامها، فلم تكفه وطلب فوقها تسعة دراهم، مشيدا بخمره وأن هذا الثمن ليس كفؤا لها.

ويقول الأعشى إنه قال لصاحبه: اعطه ما يريد. ويضيئ الخمار خباءه أو حانوته، ويعدّ الدراهم ويتبينها خشية زيفها، حتى إذا اطمأن لها ولهم قام، فناولهم خمرا تمشت فى أجسادهم، فسكنوا إليها، وهى خمر حمراء فاقعة كأنها الفرصاد


(١) تنقادها: نقدها وعدها حتى يتبين زائفها من صحيحها.
(٢) تسكننا: نسكن إليها.
(٣) كميتا: حمراء. صرحت: ذهب زبدها.
(٤) الرأل: فرخ النعام. شبه الخمر بحوصلته فى الحمرة. جليت: أخرجت، مأخوذ من جلوة العروس. القاعدة، إذا قعدت عن الطلب. وانظر الحيوان ٤/ ١٤.
(٥) الفرصاد: التوت الأحمر.
(٦) الأكوار: الرحّال. الألباد: جمع لبد وهو قطعة الصوف توضع تحت السرج.
(٧) إقصاد: قصد واعتدال.

<<  <  ج: ص:  >  >>