للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشأن، ويحمل دواته أستاذ من خواص الخليفة عند حضوره إلى مجلس الخلافة» (١). وكانت تساعده طائفة من الكتاب البلغاء. وبلغ من اهتمام الفاطميين بهذا الديوان أن ألحقوا به دائما أكبر النحاة واللغويين فى أيامهم لمراجعة الرسائل قبل صدورها من الديوان، وممن اختاروه لذلك ابن بابشاذ كبير نحاة مصر ولغوييها فى القرن الخامس الهجرى وخلفه فى مكانه ابن بركات من تلاميذه، حتى إذا توفى خلفه ابن برّى اللغوى المشهور، إلى نهاية أيام الدولة الفاطمية (٢). وكان يلتحق بالديوان بعض الشباب للتدريب فيه على تجويد الكتابة، حتى إذا جوّدها شاب وأتقنها أصبح من كتّابه على نحو ما حدث (٣) للقاضى الفاضل بأخرة من زمن الفاطميين.

وتظل لديوان الإنشاء مكانته فى عهد الأيوبيين، ويتولاه لصلاح الدين القاضى الفاضل مع قيامه على وزارته، ويشرك معه العماد الأصبهانى فى الكتابة، وكان صاحب الديوان حينئذ يسمى كاتب الدّست وكاتب الدّرج وهو الورق الذى يكتب فيه. واتسع عمل هذا الديوان اتساعا كبيرا فى عهد المماليك، مما جعل الظاهر بيبرس يعيّن ثلاثة كانوا أصحاب الدّست، حتى إذا تحولت السلطة إلى قلاوون سمى صاحب الديوان كاتب السّرّ (٤). ورفع منزلته فوق كتاب الدست.

وجعلهم أعلى درجة من كتاب الدرج، وكان فى كل ولاية كبيرة لمصر ديوان إنشاء: فى الإسكندرية وفى دمشق وغير دمشق. وظل هذا الديوان قائما إلى نهاية عصر المماليك، حتى إذا تبعت مصر الدولة العثمانية ضاعت منزلته نهائيا وأصبح أثرا بعد عين.

وفى صبح الأعشى للقلقشندى ثبت بأسماء من تولوا رياسة هذا الديوان حتى زمنه (٥) سنة ٨٢١ وأضاف إليه ابن تغرى بردى من تولوه حتى أيامه (٦) سنة ٨٦٥ وأتمه السيوطى حتى نهاية القرن التاسع الهجرى (٧)، ووراء هؤلاء الرؤساء كتاب كثيرا ما بذّوا من كانوا يكتبون بين أيديهم وهم كثيرون. ومرّ بنا أن ابن عبد كان الذى وضع رسوم الكتابة الإنشائية بمصر لزمن الطولونيين كان يعنى بالسجع فإن تركه فإلى صور من الازدواج، وظل كتاب الدولة الفاطمية فى القرن الرابع الهجرى يترسّمون طريقته، فهم يسجعون ويزاوجون على نحو ما يلاحظ فى الكتب التى كانت تصدر عن المعز والعزيز، ويبدو أن ابن سورين المسيحى كاتب العزيز والحاكم كان يعنى يالسجع


(١) صبح الأعشى ١/ ١٠٢
(٢) انظر كتابنا «المدارس النحوية» طبع دار المعارف ص ٣٣٨
(٣) ابن خلكان ٧/ ٢٢٠
(٤) السلوك للمقريزى ١/ ٦٦٦ وابن تغرى بردى ٧/ ٣٣٢
(٥) صبح الأعشى ١/ ٩١ وما بعدها
(٦) النجوم الزاهرة لابن تغرى بردى ٧/ ٣٣٤ وما بعدها
(٧) حسن المحاضرة ٢/ ٢٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>