للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كثيرا (١)، وإذا مضينا إلى القرن الخامس الهجرى، وجدنا كتابا يصدر على لسان الخليفة الظاهر سنة ٤١٤ مسجوعا كله، وربما كان الذى كتبه أحمد بن على بن خيران الملقب بولى الدولة، وكان يلى ديوان الإنشاء فى عهد الظاهر (٤١١ - ٤٢٧ هـ‍) والمستنصر إلى وفاته سنة ٤٣١، وكان كاتبا شاعرا، وكان يعتدّ بشعره وكتابته مما جعله يرسل إلى الشريف المرتضى ببغداد جزءين من شعره ورسائله ليعرضهما على الأدباء هناك، فإن استحسنوهما خلدهما له بمكتبة دار العلم، وأعجب هلال بن المحسن الصابئ-فيما يبدو-برسائله (٢). ويقول ابن سعيد فى المغرب: «وقفت على رسائله فى مجلدين. وأكثرها من طبقة المغسول» (٣) ويسوق له رسالة عن الظاهر مسجوعة، ويبدو أن ابن سعيد بالغ فى الحكم عليه، أو لعله وجد عنده السجع فقط ولم يجد سجعه يزدان بألوان البديع، ولذلك قال إن رسائله مغسولة أى من زينة البديع ومحسناته، ومع ذلك فقد روى له قوله فى فصل من إحدى رسائله: «وكان قلمك يجف (٤) ولا يجفّ، وسيفك من ذوى العناد يكف (٥) ولا يكفّ، ووزنك فى سدّ ثلم الفساد يرجح ولا يخفّ». والجناس واضح بين يجف ويجفّ وبين يكف ويكفّ وقد طابق بين يرجح ويخف مما يدل على أن ابن خيران لم يكن يخلى سجعه من محسنات البديع، فهو ليس مغسولا دائما كما يقول ابن سعيد.

ولعل أهم كاتب خلف ابن خيران بديوان الإنشاء فى القرن الخامس الهجرى ابن أبى الشخباء ولم يكن من رؤساء الديوان بل كان من الكتاب فيه، وسنترجم له بين كتاب الرسائل الشخصية.

واشتهر ابن الصيرفى فى إثره إذ تولى ديوان الإنشاء فى عهد الآمر (٤٩٥ - ٥٢٤ هـ‍) وسنترجم له عما قليل. وكان يكتب معه ابن قادوس المار ذكره بين الشعراء، ومازال يرقى فى الديوان حتى أسند إليه الديوان مع الموفق بن الخلاّل إلى وفاته سنة ٥٥١. وكان يعمل معه لزمن ابن الصيرفى الحسن بن زيد الأنصارى وهو حفيد ابن أبى الشخباء من قبل أمه، وكان كاتبا بليغا واحتفظ العماد الأصبهانى بطائفة من رسائله الديوانية والشخصية (٦). وقام على ديوان الإنشاء حتى نهاية الدولة الفاطمية الموفق بن الخلاّل وفى صبح الأعشى بعض رسائله (٧)، وعلى يديه تخرّج القاضى الفاضل


(١) المغرب فى حلى المغرب (القسم الخاص بالقاهرة- طبع مطبعة دار الكتب) ص ٢٤٩
(٢) معجم الأدباء ٩/ ٥ وما بعدها
(٣) المغرب (قسم القاهرة) ص ٢٤٧.
(٤) يجف: يسرع. وفى الأصل يوجف
(٥) يكف: يسيل.
(٦) الخريدة (قسم شعراء مصر) ٢/ ٧٣.
(٧) صبح الأعشى ١٠/ ٣١٠ و ٣١٦ وانظر فى ترجمته الخريدة ١/ ٢٣٥ وابن خلكان ٧/ ٢٢٠ وشذرات الذهب ٤/ ٢١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>