المكاتبات إلى الخليفة العباسى بالقاهرة وعنه مع رسوم الكتابة إلى أمراء البلدان وراء السلطنة المصرية من الهند إلى الأندلس، وأيضا إلى نواب السلطنة والحكم خارج مصر. والقسم الثانى فى العهود والتقاليد والتواقيع والمراسيم والمناشير والعهود إما من الخلفاء إلى السلاطين وإما من السلاطين إلى ولاة العهد. والتقاليد خاصة بكبار الموظفين والتواقيع لصغارهم والمراسيم لصغائر الأمور والشئون والمناشير خاصة بالأمراء والجند. والقسم الثالث خاص بنسخ الأيمان على العامة والولاة وكبار الموظفين وأهل الكتاب. والقسم الرابع فى الأمان والهدن مع الأعداء ونقض المعاهدات. والقسم الخامس فى حدود المدن والبلاد وهو جغرافى. والقسم السادس فى مراكز البريد ووسائله برا وبحرا. والقسم السابع فى الآلات وخاصة آلات الحرب من سيف وغير سيف وكذلك آلات السفر وآلات الصيد وآلات الطرب وأيضا الحيوان الأليف والوحشى والطير، ويتسع هذا القسم للحديث عن المدن والحصون وأنواعها والأزمنة وفصولها والأنواء. وواضح أن الأقسام الأربعة الأولى هى التى دفعته لإعطاء النماذج الكتابية المتصلة بموضوعاتها. أما الأقسام الثلاثة التالية فقد رأى معرفتها ضرورية لكتّاب الديوان لأنها تتصل بأعمالهما اتصالا قويا. واشتهر هذا الكتاب بعد ابن فضل الله واتخذه الكتّاب إماما لهم وجعلوه نصب أعينهم فى كتاباتهم الديوانية يحاكون نماذجه وأمثلته، واعتمد عليه القلقشندى فى بيان رسوم الكتابة الديوانية، وما يصورها من أمثلة بليغة محكمة، من ذلك قوله فى تقليد وزير ووصيته بما ينبغى عليه فى وزارته:
«عليه بالكفاة الأمناء، وتجنّب الخونة وإن كانوا ذوى غناء، وإياه والعاجز، ومن لو رأى المصلحة بين عينيه ألقى بينه وبينها ألف حاجز، وليطهّر بابه، ويسهّل حجابه، ويفكر فيما بعد أكثر مما قرب مقدما الأهّم فالأهمّ من المصالح، وينظر إلى ماغاب عنه وحضر نظر المماسى والمصابح، ولا يستبدل إلا بمن ظهر لديه عجزه أو ثبتت عنده خيانته، ولا يدع من جميل نظره من صحّت لديه كفايته، أو تحققت عنده أمانته. وليصرف اهتمامه إلى استخلاص مال الله الذى نحن أمناؤه، وبه يشغل أوقاته وتمتلئ كالإناء آناؤه، فلا يدع شيئا يجب لبيت المال المعمور من مستحقه، ولا يتسّمّح فى تخلية بشئ منه كما نوصيه أن لا يأخذ شيئا إلا بحقّه».
وواضح أن ابن فضل الله لا يتكلف فى كتابته، وكأنه-كما قال الصفدى-بحر يتدفق، وفى تضاعيف تدفقه ينثر جواهر المحسنات، وهى تواتيه طيعة، تارة يطابق وتارة يجانس فى يسر دون أن نحس عنده بتصنع أو ما يشبه التصنع. ومن طريف وصفه للسيف فى كتابه التعريف قوله: