للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليلة صاحوا وأغروا بى سراعهم ... بالعيكتين لدى معدى ابن برّاق (١)

كأنما حثحثوا حصّا قوادمه ... أو أمّ خشف بذى شثّ وطبّاق (٢)

لا شئ أسرع منى ليس ذا عذر ... وذا جناح بجنب الرّيد خفّاق (٣)

حتى نجوت ولما ينزعوا سلبى ... بواله من قبيض الشّدّ غيداق (٤)

وواضح أنه يذكر كيف فات عدّائى بجيلة ليلة صاحوا به وأسرعوا من خلفه هو وصاحبه ابن براق، ويقول إنهم أثاروه حتى غدا أسرع من الظليم والظبية، وحتى أصبحت الخيل الجياد لا تلحق شأوه، بل حتى الطير أصبحت تقصر عن عدوه، وكأنما جنّ جنونه. ويمضى فيرسم لنا صورة الصعلوك من أمثاله الذى يقدره ويجلّه، قائلا:

لكنما عولى إن كنت ذا عول ... على بعير بكسب الحمد سبّاق (٥)

سبّاق غايات مجد فى عشيرته ... مرجّع الصّوت هدّا بين أرفاق (٦)

عارى الظّنابيب ممتدّ نواشره ... مدلاج أدهم واهى الماء غسّاق (٧)

حمّال ألوية شهّاد أندية ... قوّال محكمة جوّاب آفاق (٨)

فذاك همّى وغزوى أستغيث به ... إذا استغثت بضافى الرأس نعّاق (٩)


(١) العيكتان: موضع. معدى: عدو.
(٢) حثحثوا: حركوا وأثاروا. القوادم: ما يلى الرأس من ريش الجناحين. الحص: جمع أحص وهو ما تناثر ريشه وتكسر لسرعته. يريد بذلك الظليم. الخشف: ولد الظبية. الشث والطباق: من نباتات الصحراء.
(٣) ذا العذر: الفرس. والعذر: ما أقبل من شعر الناصية على الوجه. وذا جناح: يريد الطير. الريد: حرف الجبل.
(٤) السلب: ما يسلب فى الحرب. الواله: ذاهب العقل. القبيض: السريع. الشد: العدو. غيداق: واسع.
(٥) العول: الاستغاثة وأصله رفع الصوت كالعويل.
(٦) مرجع الصوت: يصيح آمرا ناهيا. أرفاق: رفاق. الهد: الصوت الغليظ.
(٧) عارى الظنابيب: خفيف اللحم. وأصل الظنبوب عظم الساق. النواشر: عروق ظاهر الذراع. ممتد النواشر كناية عن طول الذراع واكتمال الخلق: الأدهم: الليل. واهى الماء: مطره شديد. غساق: شديد الظلمة.
(٨) المحكمة: الكلمة الفاصلة.
(٩) غزوى هنا: مقعدى. ضافى الرأس: كثير الشعر لا يتعاهده لكثرة غزوه. نعاق: يكثر من الصياح.

<<  <  ج: ص:  >  >>