للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللاتينية ظلت تلاحق بعض أعلام الأسر الإسبانية التى دخلت فى الإسلام، وهو شئ طبيعى أن يظل اللقب اللاتينى القديم ملحقا ببعض الأعلام لأنه رمز الأسرة، وقد يقولون: إننا نجده يلحق بعض أبناء العرب أنفسهم من الشعراء وغيرهم، من ذلك أن الشاعر مؤمن بن سعيد المتوفى سنة ٢٦٧ لقّب زميله عبد الله بن بكر بن سابق الكلاعى الشاعر بلقب النّذل كما فى المقتبس لابن حيان (١)، وفى التكملة لابن الأبار أنه لقّبه بالقملة ولعلها تحريف لكلمة القنلة Canalla باللاتينية أى النذل (٢)، وكأنما شاع عليه اللقب بالعربية واللاتينية. ويلقانا بعده شاعر يسمى محمد بن يحيى بن زكريا المتوفى سنة ٣٠٢ وكان هجاء كبيرا قذر الثياب دائما، فلقبه بعض معاصريه انتقاما منه بلقب القلفاط، (٣) و Calafate باللاتينية الدارجة دهّان السفن بالقار، نبزوه بذلك-كما يرى الدكتور مكى-لقذارة ثيابه. وكان سعيد بن عثمان المروانى شاعر المنصور بن أبى عامر فى أواخر القرن الرابع ينبز بلقب البلّينه Ballena (٤) وهو باللاتينية الدارجة-كما قال ابن سعيد-الحوت لضخامته. ومثل هذا النبز بالألقاب العجمية لأبناء العرب فى قرطبة والأندلس كان محدودا إذ لا يتجاوز المعروف منه الواضح فى دلالته على النبز عدد أصابع اليدين إن لم يكن عدد أصابع اليد الواحدة، ولذلك لا نستطيع أن نتخذه دليلا على شيوع اللاتينية الدارجة فى تخاطب العرب بالأندلس.

وقد يقول أصحاب نظرية ريبيرا إن فى أيدينا برهانا قويا على صحتها هو ما ذكره ابن حزم فى كتابه «جمهرة أنساب العرب» عن قبيلة بلىّ بالأندلس، إذ قال: «دارهم فى الموضع المعروف باسمهم بشمالى قرطبة، وهم هنالك إلى اليوم (فى القرن الخامس الهجرى) على أنسابهم لا يحسنون الكلام باللاطينية لكن بالعربية فقط: نساؤهم ورجالهم» (٥). ويقولون واضح من هذا النص لابن حزم أن قبيلة بلىّ وحدها فى الأندلس دون القبائل العربية الأخرى لم تكن تحسن الكلام باللاتينية الدارجة، بخلاف سواها من القبائل، إذ كانت تتكلم بها وتتخاطب فى لغتها اليومية. وابن حزم إنما تحدث عن بلىّ وحدها، دون أن ينسب بوضوح إلى غيرها من القبائل أنها كانت تحسن الأداء عما فى نفسها باللاتينية. ولعل مما يؤكد أنه كان وراءها قبائل بل مدن لا تتكلم إلا بالعربية على


(١) انظر المقتبس (تحقيق د. مكى طبع بيروت) ص ٩٨ وقابل بالمغرب ١/ ١١٣.
(٢) التكملة (طبع مدريد) رقم ١٢٤٠ وراجع فى ذلك تعليق د. مكى فى المقتبس ص ٥٠٤
(٣) راجع المغرب ١/ ١١١.
(٤) المغرب ١/ ١٩٧.
(٥) راجع جمهرة أنساب العرب لابن حزم (طبع دار المعارف) ص ٤٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>