للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تشتبك مع القبائل النجدية فى حروب دامية، وقد أسر فى إحداها شأسا أخا علقمة بن عبدة الشاعر التميمى المشهور، فرحل إليه يمدحه (١) رجاء أن يفك أخاه من أسره، ونراه يذكر فى مديحه معاركه وما كان ينزله بأعدائه من خسائر، يقول:

كأنهم صابت عليهم سحابة ... صواعقها لطيرهنّ دبيب (٢)

فلم تنج إلا شطبة بلجامها ... وإلا طمرّ كالقناة نجيب (٣)

وإلا كمىّ ذو حفاظ كأنّه ... بما ابتلّ من حدّ الظّبات خضيب (٤)

وأنت أزلت الخنزوانة عنهم ... بضرب له فوق الشئون دبيب (٥)

وأنت الذى آثاره فى عدوّه ... من البؤس والنّعمى لهن ندوب (٦)

وكان لابنيه النعمان وعمرو جيوش قوية، تجوب نجدا والصحراء الشمالية وتدين لها القبائل بالطاعة، ويظهر أن جيوش عمرو اشتبكت فى حروب مع بنى أسد وبنى فزارة، ووقع كثير من أسرى القبيلتين فى يد عمرو، فقصده النابغة الذبيانى يمدحه متوسلا إليه فى فكاكهم، فأكرمه، كما أكرمه أخوه النعمان، ودبّج فيهما مدائح كثيرة، لعل أروعها قصيدته البائية التى يقول فيها (٧):

إذا ما غزوا بالجيش حلّق فوقهم ... عصائب طير تهتدى بعصائب

ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم ... بهن فلول من قراع الكتائب


(١) يذكر أكثر الرواة أن علقمة إنما قصد بقصيدته الحارث بن جبلة (انظر ديوان علقمة بشرح الشنتمرى طبع الجزائر سنة ١٩٢٥) ص ٢٥ وراجع القصيدة فى المفضليات وقد دحض نولدكه هذه الرواية ذاهبا إلى أن القصيدة فى مديح الحارث الأصغر. انظر جواد على ٤/ ١٤٣.
(٢) صابت: مطرت يقول أصابتها الصواعق فلم تقدر على الطيران فدبت تطلب النجاة.
(٣) الشطبة: الفرس الطويلة، والطمر: الفرس المتحفزة للوثوب، شبهها بالقناة فى الضمور.
(٤) الكمى: الشجاع، والظباة: جمع ظبة وهى حد السيف، وخضيب: مصبوغ بالدماء.
(٥) الخنزوانة: الكبر، وشؤون الرأس: ملتقى عظامها.
(٦) ندوب: جروح.
(٧) مختار الشعر الجاهلى لمصطفى السقا (طبع الحلبى) ص ١٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>