للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعمرو هو ممدوح حسان بن ثابت، فقد كان ينزل به وبغيره من أمراء الغساسنة، وله فيه مطولة مشهورة يقول فى تضاعيفها (١)؛

أولاد جفنة حول قبر أبيهم ... قبر ابن مارية الكريم المفضل

بيض الوجوه كريمة أحسابهم ... شمّ الأنوف من الطّراز الأول

وعلى نحو ما كان ينزل به كان ينزل بجبلة بن الأيهم الذى لحق الفتوح الإسلامية، وحارب فى صفوف الروم، ثم أسلم وعاد فتنصر فى عهد عمر بن الخطاب، ورحل إلى بيزنطة. ويقال إنه حين أسلم دخل المدينة فى موكب حافل من حاشيته وكان يضع على رأسه تاج أجداده تزينه لؤلؤلتان كانتا فيما مضى قرطين لأم الحارث بن جبلة.

وفى أخبار الغساسنة المتأخرين ما يدل على أنهم كانوا يصيبون حظوظا من الترف والنعيم، فقد وصف حسان بن ثابت مجلسا من مجالس جبلة بن الأيهم، فقال:

«لقد رأيت عشر قيان: خمس روميات يغنين بالرومية بالبرابط، وخمس يغنين غناء أهل الحيرة. . . وكان يفد إليه من يغنيه من العرب من مكة وغيرها، وكان إذا جلس للشراب فرش تحته الآس والياسمين وأصناف الرياحين، وضرب له العنبر والمسك فى صحاف الفضة والذهب، وأتى بالمسك الصحيح فى صحاف الفضة، وأوقد له العود المندى إن كان شاتيا، وإن كان صائفا بطّن بالثلج وأتى هو وأصحابه بكساء صيفية، يتفضل هو وأصحابه بها فى الصيف، وفى الشتاء الفراء الفنك وما أشبهه. ولا والله ما جلست معه يوما قط إلا خلع علىّ ثيابه التى عليه فى ذلك اليوم (٢)».

ويقابل الغساسنة فى الشام المناذرة (٣) فى العراق، وهم من لخم، ويعود بها النسابون إلى أصل يمنى، هى وبعض قبائل عربية نزلت هناك مثل تنوخ. وقد


(١) ديوان حسان (طبعة ليذن) ص ١٦.
(٢) أغانى (ساسى) ١٦/ ١٤.
(٣) انظر فى المناذرة تاريخ العرب قبل الإسلام لجواد على ٤/ ٥ - ١١٧، وتاريخ العرب (مطول) لفيليب حتى (الترجمة العربية) ١/ ١٠٧ ومحاضرات فى تاريخ العرب لصالح أحمد العلى ١/ ١٥ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>