للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مبالغة فى تمجيده لانتصار ابن أبى عامر فيها. وشاعره الفذ هو ابن درّاج القسطلى وسنخصه بكلمة. ويقول فيه وفى حجابته عبادة بن ماء السماء (١):

لنا حاجب حاز المعالى بأسرها ... فأصبح فى أخلاقه واحد الخلق

فلا يغترر منه الجهول ببشره ... فمعظم هول الرّعد فى أثر البرق

وعاصر عبادة زمن الفتنة بقرطبة (٣٩٩ - ٤٢٢ هـ‍) حتى إذا استولى على مقاليد الخلافة على بن حمود العلوى من أدارسة المغرب سنة ٤٠٧ نجد عبادة يقدم له مدائحه متحزبا له متشيعا بمثل قوله (٢):

أطاعتك القلوب ومن عصىّ ... وحزب الله حزبك يا علىّ

وإن قال الفخور أبى فلان ... فحسبك أن تقول أبى النبىّ

ويتوفى على سنة ٤٠٨ ويخلفه أخوه القاسم فيقدم مدائحه إليه وينازعه الخلافة يحيى ابن أخيه، ويستولى على صولجان الحكم فترة سنة ٤١٢ ويفر عمه إلى إشبيلية، ويعود بجنود من البربر إلى قرطبة ويستردّ الحكم من يحيى سريعا، ويغادر قرطبة إلى الجزيرة الخضراء ويستولى عليها، وله يقول عبادة:

فها أنا ذا يابن النبوّة نافث ... من القول أريا غير ما ينفث الصّلّ (٣)

وعندى صريح فى ولائك معرق ... تشيّعه محض وبيعته بتل (٤)

وهو يقول إن ولاءه لآل البيت عريق ويمضى فيذكر أن جده كان مواليا لعلى مما جعل معاوية يبغضه بغضا شديدا. وكان ابن الحناط الكفيف القرطبى يتشيع مثله للحموديين وله مدائح متعددة فيهم وخاصة فى على بن حمود وفيه يقول: (٥)

إمام أقام الدّين حدّ حسامه ... طريرا ومنه فى يد الله قائم (٦)

وكأنما كان الصوتان المتشيعان نشازا على أسماع الحموديين فى الأندلس، إذ لم يكونوا


(١) راجع ترجمة عبادة فى الذخيرة ١/ ٤٧٥ وسنخصه بكلمة بين شعراء الطبيعة والخمر.
(٢) انظر فى هذين البيتين والأبيات التالية ترجمة عبادة فى الذخيرة ١/ ٤٦٨ وما بعدها.
(٣) الأرى: عسل النحل. الصل: الحية.
(٤) بتل: حق.
(٥) انظر القصيدة فى ترجمة ابن الحناط بالذخيرة ١/ ٤٣٧ وراجع ترجمته فى الجذوة ص ٥٣ والبغية رقم ١٢٤ والصلة رقم ١٤٣٥ والمغرب ١/ ١٢١ والتكملة رقم ٤٢٩ والوافى ٣/ ١٢٤.
(٦) طريرا: له رواء وبهجة.

<<  <  ج: ص:  >  >>