للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

همام يزين الدهر منه وأهله ... مليك فقيه كاتب متفلسف

يتيه بمرقاه سرير ومنبر ... ويحمد مسعاه حسام ومصحف

جحيم لعاصيه يشبّ وقوده ... وجنّة عدن للمطيعين تزلف (١)

ومرّ بنا أنه اجتمع للمعتضد وابنه المعتمد كثيرون من الشعراء الأفذاذ، والذخيرة تكتظ بما قدموه لهما من مدائح بديعة، وسنخص ابن عمار من بينهم بكلمة، ومنهم الشاعر ابن اللبانة، وسنترجم له فى الفصل التالى، ومن قصيدة له فى مديح المعتمد (٢):

ملك إذا عقد المغافر للوغى ... حلّ الملوك معاقد التيجان (٣)

وإذا غدت راياته منشورة ... فالخافقان لهنّ فى خفقان (٤)

يا منشئ العلياء بعد مماتها ... تفنى النجوم وما ثناؤك فان

الأرض حاجتها إليك بطبعها ... كالعين حاجتها إلى الإنسان

وكانت سوق الشعر نافقة بالمرية فى عهد أميرها المعتصم بن معن بن صمادح وطالت إمارته إلى إحدى وأربعين سنة وكان شاعرا، فهتفت باسمه الشعراء فى إمارته ووفدوا عليه من بلدان الأندلس، وهو يغدق عليهم من أمواله، ولمواطنه أبى حفص بن الشهيد أمداح فيه كثيرة من مثل قوله (٥):

وأحسن من روض تحلّى بنوره ... محيّا ابن معن فى حلىّ الفضائل

جواد كأن الأرض جمعاء راحة ... له وبحور الأرض خمس أنامل

جللت فجلّ القول فيك وإنما ... يقدّ لقدر السيف قدر الحمائل

وشاعر المعتصم المبدع ابن الحداد، وسنفرد له كلمة، ولم يكن يقلّ عن المعتصم والمعتمد جودا وشعرا ولسنا وفصاحة المتوكل بن المظفر بن الأفطس أمير بطليوس، ولأبيه كتاب المظفرى فى الأدب والتاريخ نحو مائة مجلد، واستحالت بطليوس فى عهده إلى كعبة للشعراء تطوف بها آمالهم وتتلى فيها مدائحهم، وتغنى بمدح المتوكل الشاعر الفذ


(١) تزلف: تقدّم وتصبح زلفى ومنزلة
(٢) الذخيرة ٣/ ٦٨٧
(٣) المغافر: جمع مغفرة: زرد من الدروع على قدر الرأس يتقنع به المسلح للقتال. الوغى: الحرب
(٤) الخافقان: المشرق والمغرب. الخفقان: سرعة نبضات القلب.
(٥) انظر فى الأبيات ترجمة أبى حفص بن الشهيد فى الذخيرة ١/ ٦٧٠ وما بعدها، وانظره فى الحميدى ص ٢٨٣ والمغرب ١/ ٢٠٩ وبغية الملتمس ص ٣٩٤ وقال ابن سعيد: شاعر المرية فى زمانه وكان مقتصرا على أمير بلده المعتصم بن صمادح.

<<  <  ج: ص:  >  >>