للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاضلة تحفظ جملة وافرة من الشعر، وكانت لها ندوة تحاضر به فيها وتستمع إلى الشعراء وتثيبهم على أشعارهم، وفيها يقول ابن خفاجة (١):

مشهورة فى الفضل قدما والنّهى ... والجود شهرة غرّة فى أدهم

تولى الأيادى عن يد نزل النّدى ... منها بمنزلة المحبّ المكرم

حمل الثناء بها القريض وإنما ... حمل الحديث رواية عن مسلم

وابن خفاجة يجعل ما يحمله الشعر من الثناء على هذه السيدة عطرا عطر الحديث المروىّ عن مسلم فى صحيحه مبالغة منه فى بيان تقواها وما يحف بها من تجلة تغنى بها ابن خفاجة وغيره مادحين مطرين، وسنفرد لابن خفاجة ترجمة فى الفصل الثانى. وفى ابن تيفلويت والمرابطين يقول ابن باجة معللا لاسمهم «الملثمين» إذ كانوا يضعون لثاما على وجوههم (٢):

قوم إذا انتقبوا رأيت أهلّة ... وإذا هم سفروا رأيت بدورا

لا يسألون عن النّوال عفاتهم ... شكرا ولا يحمون منه نقيرا (٣)

لو أنهم مسحوا على جدب الرّبى ... بأكفّهم نبت الأقاح نضيرا

وهو يجعل وجوههم أهلة حين ينتقبون ويخفون جزءا من وجوههم فإذا سفروا ورفعوا النقاب رأيتهم بدورا. ويمدحهم بالكرم الفياض وأنهم لا يسألون طلاب النوال والحاجات شكرا على ما يبذلون لهم، وهم يجودون بكل ما يملكون ولا يبقون منه لأنفسهم أى شئ. ولا يلبث ابن باجة بخياله الخصب أن يقول إنهم لو مسحوا على أرض مجدبة بأكفهم لا هتزّت وربت وأنبتت أزهارا وأقاحا ناضرا.

ولمحمد بن إبراهيم بن المواعينى المار ذكره بين البلاغيين فى الفصل الماضى مدحة فى الزبير بن عمر الملثم والى قرطبة يقول فى تضاعيفها مخاطبا الملثمين أو المرابطين (٤):

جولوا وصولوا فالمناسب حمير ... أهل المفاخر والنّدى والنادى

للقوم فى كل البلاد رياسة ... تحكى بنى العباس فى بغداد

أضحت مجالسهم سروج جيادهم ... إن السروج مجالس الأمجاد


(١) الديوان ص ٩٧ - ٩٨.
(٢) النفح ٣/ ٤١٧.
(٣) النوال: العطاء. العفاة: السائلون طلاب المعروف. . النقير: الشئ المتناهى فى الصغر.
(٤) انظر الأبيات فى ترجمته بالمغرب ١/ ٢٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>