للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن طريف ما يروى عن المستنصر بن الناصر (٣٥٠ - ٣٦٠ هـ‍) أن نزارا الفاطمى الملقب بالمستنصر صاحب مصر (٣٦٥ - ٣٨٦ هـ‍) كتب إليه كتابا يسبّه فيه ويهجوه، فرد عليه المستنصر المروانى: «أما بعد فإنك عرفتنا فهجوتنا ولو عرفناك لأجبناك:

ألسنا بنى مروان كيف تبدّلت ... بنا الحال أودارت علينا الدوائر

إذا ولد المولود منا تهلّلت ... له الأرض واهتزّت إليه المنابر»

فأفحمه (١) ولم يستطع الجواب. وللشاعر الطليق حفيد أخى المستنصر المروانى المسجون فى عهد المنصور بن أبى عامر شعر كثير يفتخر فيه بنفسه وبآبائه، وسنفرده بكلمة. وللمنصور بن أبى عامر (٢):

رميت بنفسى هول كل عظيمة ... وخاطرت والحرّ الكريم يخاطر

رفعنا المعالى بالعوالى بسالة ... وأورثناها فى القديم معافر (٣)

وحكاياته فى الجهاد كثيرة، ويقال إن له نيّفا وخمسين غزوة فى النصارى وإنه كان لا يخلّ فى أكثر أيامه بغزوتين فى السنة يشنّهما عليهم، ومرّ بنا فى الفصل الأول حديث عنه وعن غزواته المظفرة. ولابن شهيد (٤):

بالعلم يفخر يوم الحفل حامله ... وبالعفاف غداة الجمع يزدان

وما ألان قناتى غمز حادثة ... ولا استخفّ بحلمى قطّ إنسان

أمضى على الهول قدما لا ينهنهنى ... وأنثنى لسفيهى وهو غضبان

ومضى يقول إنه لا يرد على حمق بحمق وإنه يعتصم بالصبر وكظم الغيظ ولا يتملق ولا يفوه بغير الحق، وإنه قد يبيت على الطّوى حانيا الضلوع على لظى المسغبة دون تبرم أو ضيق، بل مع البشر وطلاقة الوجه. ويقول صديقه ابن (٥) حزم:

أنا الشمس فى جوّ العلوم منيرة ... ولكنّ عيبى أن مطلعى الغرب

ولو أننى من جانب الشرق طالع ... لجدّ على ما ضاع من ذكرى النّهب


(١) انظر هذه الرواية فى النفح ٣/ ٥٥٨.
(٢) المغرب ١/ ٢٠٣.
(٣) العوالى: الرماح. ومعافر بفتح الميم: قبيلة ابن أبى عامر وهى يمنية.
(٤) ديوان ابن شهيد تحقيق يعقوب زكى (طبع القاهرة) ص ١٦٣.
(٥) الذخيرة ١/ ١٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>