للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمثل قوله مما اختار له ابن بسام:

أرى الأوغاد يعتمرون دورا ... ومالى فى بلاد الله دار

أجول فلا أرى إلا رعاعا ... كبارهم إذ اختبروا صغار

ونشبت لعهد أمراء الطوائف أكبر (١) معركة للهجاء ضد يهود غرناطة، ذلك أن كورة إلبيرة كانت قد وقعت من نصيب زاوى بن بن زيرى الصنهاجى زمن الفتنة، فاتخذ غرناطة قاعدة له حتى سنة ٤٢٠ إذ رحل عنها إلى بلاده بإفريقية وتركها لابن أخيه حبوس بن ماكسن، واتخذ وزيره أبو القاسم بن العريف كاتبا له يهوديا يسمى إسماعيل (صمويل) ويلقّب بابن النّغريلّه، وكان داهية خبيثا درس بقرطبة الديانة اليهودية وكل ما اتصل ببحوثها التلمودية مع ما درس من الثقافة والآداب العربية. وتوفى حبوس سنة ٤٢٩ وخلفه باديس حتى سنة ٤٦٧ وفى عهده أصبح ابن النغريلة رئيس وزرائه أو وزيره الأول بحسن تدبيره لشئون المال، وبالغ باديس فى الثقة به، بينما هو كان يعد نفسه حاميا لليهود فى الأندلس، فجاءوه من كل بلد، وأخذ يعهد إليهم بكثير من وظائف الحكم والضرائب، كما أخذ يرعى مصالحهم الاقتصادية والتجارية. ودفع باديس إلى أن يعيش بين كاس وطاس لا يدرى شيئا من شئون الحكم، وبلغ من عدائه للإسلام أن كان لا يجد حرجا من استهزائه به، وأقسم أن ينظم القرآن فى أشعار، وتوفى سنة ٤٥٦ وكان قد أعدّ ابنه يوسف ليخلفه فى وزارته لباديس، وسرعان ما أخذ الناس يعلنون ضيقهم به وبسيطرة اليهود على شئون الدولة من ضرائب وغير ضرائب، وأخذ غير شاعر يستثير العامة للثورة على اليهود وزعيمهم يوسف وفى مقدمتهم السّميسر وأبو الحسن يوسف بن الجد القائل فى سخط وغضب (٢):

تحكّمت اليهود على الفروج ... وتاهت بالبغال وبالسّروج

وقامت دولة الأنذال فينا ... وصار الحكم فينا للعلوج (٣)

فقل للأعور الدّجّال هذا ... زمانك إن عزمت على الخروج


(١) انظر فى هذه المعركة والثورة على يهود غرناطة الذخيرة ٢/ ٧٦٦ وما بعدها وانظر المغرب ٢/ ١١٤ وأعمال الأعلام ص ٢٦٤ والبيان المغرب ٣/ ٢٦٤ والإحاطة ١/ ٤٣٩ وتاريخ ابن خلدون ٤/ ١٦١ وراجع مقدمة د. إحسان عباس على رسالة الرد على ابن النغريلة لابن حزم (طبع القاهرة) ص ٩ - ١٨.
(٢) الذخيرة ٢/ ٥٦٢
(٣) العلوج: جمع علج: الفظ.

<<  <  ج: ص:  >  >>