للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قرطبة ويهنئ بالإمارة بعده ابنه أبا الوليد (١):

إنّا إلى الله فى الرّزء الذى فجعا ... والحمد لله فى الحكم الذى وقعا

أب كريم غدا الفردوس مسكنه ... وابن نجيب تولّى الأمر واضطلعا (٢)

لله شمس ضحى فى الّلحد قد غربت ... فأعقبت قمرا بالسّعد قد طلعا

وهو يستسلم لله فيما فجع به من موت أبى الحزم جهور ويستبشر بولاية ابنه أبى الوليد، ويقول إن جهورا أصبح فى الفردوس ونهض ابنه بالحكم، ويقول إن أبا الحزم شمس غربت فطلع سريعا قمر يحمل السعد بعده. ولابن معلّى الطرسونى يرثى عالما من علماء العربية فيما يبدو (٣):

رزء بكت منه العلا ومصاب ... شقّت عليه جيوبها الأحباب

وطفقت ألتمس العزاء فخاننى ... نفس تذوب وأدمع تنساب

وتلجلج النّاعى به فسألته ... عود الحديث لعله يرتاب

أنعى إلى الإعراب منك معيده ... غضّا كما نطقت به الأعراب

ناحت بك الأقلام غاية وسعها ... وبكت بأبلغ جهدها الآداب

وهو يقول إن موت هذا العالم مصاب جلل بكت منه العلا وشقت عليه الأحباب جيوبها حزنا، ويقول انه التمس العزاء فخانته نفسه الذائبة ودمعه المنساب، وتلجلج الناعى فأمّل أن لا يكون النعى صحيحا. وينعيه إلى العربية التى أعادها غضة ناضرة كما نطق بها الأعراب فى القديم، ويقول إن الأقلام والآداب تنوح عليه نواحا لا ينقطع.

ونلتقى بابن سوار وسنخصه بكلمة مفردة. ويتوفى أبو بكر بن تيفلويت المرابطى حاكم سرقسطة سنة ٥١٠ وكان بحرا فياضا وبطلا مغوارا ويرثيه صديقه الفيلسوف ابن باجة بمثل قوله (٤):

سلام وإلمام وروح ورحمة ... على الجسد النائى الذى لا أزوره

أحقّا أبو بكر تقضّى فما يرى ... تردّ جماهير الوفود ستوره (٥)

لئن أنست تلك القبور بقبره ... لقد أوحشت أمصاره وقصوره


(١) الذخيرة ١/ ٤٤٩ وانظر فى ترجمة ابن الحناط الذخيرة ١/ ٤٣٧ وما بعدها والحميدى ٥٣ والصلة ٦٤٠ والتكملة ٣٨٧ والمغرب ١/ ١٢١ والخريدة ٢/ ٢٩٧ والوافى ٣/ ١٢٤.
(٢) اضطلع: نهض
(٣) الذخيرة ٣/ ٨٤٤ والمغرب ٢/ ٤٥٧
(٤) المغرب ٢/ ١١٩
(٥) تقضى: مات

<<  <  ج: ص:  >  >>