للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للخليفة المستعين الأموى (٤٠٠ - ٤٠٧ هـ‍) ويشكو له ممن يتهمونه بسرقة الشعر كذبا وبهتانا. وفتك بالمستعين قائده على بن حمود الحسنى واستولى على صولجان الخلافة وانعقدت صلة بين ابن شهيد وكاتبه أبى جعفر اللمائى، وفتك بابن حمود غلمانه سنة ٤٠٨ وخلفه أخوه القاسم وخلعه ابن أخيه يحيى بن على بن حمود سنة ٤١٢ وكان قد اتخذ وزيرين أبا عبد الله بن الفرضى وابن فتح جعفر بن محمد وأفسدا العلاقة بينه وبين ابن شهيد مما جعله يزجّ به فى غياهب السجن فترة ظل فيها يستعطفه حتى رد إليه حريته.

وكان ابن شهيد يختلف إلى مجالس أبى العباس بن ذكوان المتوفى سنة ٤١٣ وفيها انعقدت صلة بينه وبين ابنه أبى بكر وكان مثله رقاعة وخلاعة، وتعرف على ابن الحناط الكفيف الذى كانت ترعاه أسرة بنى ذكوان، واصطدم به، وربما كان من أسباب ذلك أنه كان يوالى بنى حمود ويقدم إليهم مدائحه بينما كان ابن شهيد يوالى بنى أمية، وأيضا ربما رجع ذلك إلى المنافسة الأدبية، فنشبت بينهما مناقضات نظما ونثرا استمرت طويلا. ولم يكن يؤذيه شئ مثل اتهامه بالسرقة فى شعره ونثره، وبلغه أن أبا بكر محمد بن القاسم إشكمياط (فى كتاب المغرب: إشكنهاط) يتهمه بالسرقة فى نثره، فكتب إليه محنقا رسالة عنيفة، قال فيها: «لأقطعن حبالك هاجرا، ولأتركن ليلك ساهرا». ويصبح صديقه الأمير عبد الرحمن بن هشام الأموى خليفة فى سنة ٤١٤ ويتلقب بالمستظهر، ويتخذه مع صاحبه ابن حزم وزيرين، وأحسّ ابن شهيد أن الدنيا تبتسم له بعد طول العبوس، غير أن ابتسامتها سرعان ما غاضت بعد سبعة وأربعين يوما، إذ خلف المستكفى الأموى المستظهر، وعادت الهموم تطبق عليه. وكان يحيى بن على بن حمود قد انسحب إلى مالقة، ففكر ابن شهيد أن يهاجر إليها كما تدل على ذلك قصيدة فى ديوانه، ونظن أنه زار حينئذ مجاهدا أحد فتيان العامريين الصقالبة وكان قد أسس له إمارة فى دانية بشرقى الأندلس سنة ٤١٢ غير أنه ازورّ عنه فيما يبدو لاختلاف مسلكهما فى الحياة، إذ لم يكن مجاهد يأخذ نفسه بشئ من اللهو، بل على العكس كان منصرفا إلى الجد والعناية بالعلماء والقراء.

وعاد ابن شهيد إلى قرطبة ولم يلبث يحيى بن على بن حمود أن قدم إليها بجنوده من مالقة واستولى على أزمة الأمور بها سنة ٤١٦ وقدّم إليه ابن شهيد بعض مدائحه غير أن وزيريه ابن فتح وابن الفرضى ظلا يغلقان أبوابه فى وجهه. واستدار العام، فانصرفت قرطبة عن ابن حمود وبايعت لأموى هو الخليفة المعتدّ وظل بعيدا عنها يتنقل فى الثغور نحو ثلاث سنوات. وكان صديق ابن شهيد المؤتمن العامرى أصبح أميرا على بلنسية منذ

<<  <  ج: ص:  >  >>