للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوما إلى الليل (١) وهرم بن قطبة الفزارى (٢) الذى احتكم إليه علقمة بن علاثة وعامر بن الطفيل، فقال لهما-كما مر بنا-: «أنتما كركبتى البعير الأدرم (الفحل) تقعان على الأرض معا (٣)».

ومن خطباء تميم المفوّهين أكثم بن صيفىّ وضمرة بن ضمرة، ويروى أنه لما دخل على النعمان بن المنذر زرى عليه للذى رأى من دمامته وقصره وقلّته، فقال للنعمان: «تسمع بالمعيدى لا أن تراه» فقال: أبيت اللّعن! «إن الرجال لا تكال بالقفزان (٤) ولا توزن بالميزان، وليست بمسوك (٥) يستقى بها، وإنما المرء بأصغريه:

بقلبه ولسانه، إن صال صال بجنان، وإن قال قال ببيان (٦)». ومن خطباء تميم أيضا عطارد بن حاجب بن زرارة وهو خطيب وفدها، كما مرّ بنا، بين يدى الرسول صلى الله عليه وسلم، ومنهم عمرو بن الأهتم المنقرىّ، ولم يكن فى بادية العرب فى زمانه أخطب منه (٧)، ويروى أن الرسول سأله عن الزّبرقان بن بدر فقال «مانع لحوزته، مطاع فى أدنيه» فقال الزّبرقان: «أما إنه قد علم أكثر مما قال، ولكنه حسدنى شرفى» فقال عمرو: «أما لئن قال ما قال، فو الله ما علمته إلا ضيّق الصدر، زمر (٨) المروءة، لئيم الخال، حديث الغنى. فلما رأى أنه قد خالف قوله الآخر قوله الأول ورأى الإنكار فى عينى رسول الله قال: «يا رسول الله! رضيت فقلت أحسن ما علمت، وغضبت فقلت أقبح ما علمت، وما كذبت فى الأولى، ولقد صدقت فى الآخرة» فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: «إن من البيان لسحرا (٩)». ومن خطباء بنى منقر التميميين أيضا قيس بن عاصم الذى قال فيه الرسول صلوات الله عليه جين رآه: هذا سيد أهل الوبر (١٠)، وهو الذى قال فيه عبدة بن الطبيب حين مات (١١):

وما كان قيس هلكه هلك واحد ... ولكنه بنيان قوم تهدّما


(١) البيان والتبيين ١/ ١١٦.
(٢) البيان والتبيين ١/ ٣٦٥.
(٣) أغانى (ساسى) ١٥/ ٥١.
(٤) القفزان: جمع قفيز، وهو مكيال عراقى.
(٥) المسوك: جمع مسك وهو الجلد.
(٦) البيان والتبيين ١/ ١٧١.
(٧) البيان والتبيين ١/ ٣٥٥.
(٨) زمر: قليل.
(٩) البيان والتبيين ١/ ٥٣.
(١٠) البيان والتبيين ٢/ ٣٣.
(١١) البيان والتبيين ٢/ ٣٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>