عن القصة بمدريد سنة ١٩٢٦ أنه وجد بمكتبة الإسكوربال فى مخطوط موريسكى يرجع إلى القرن السادس عشر الميلادى قصة بعنوان قصة الصّنم والملك وابنته، وزعم أنها كانت شائعة بين الموريسكيين (بقية المسلمين فى الأندلس) ورأى أنها تلتقى بقصة حى بن يقظان وبالفصول الأولى من قصة الكريتيكون لجراثيان اليسوعى الأرجونى التى نشرت فى منتصف القرن السابع عشر، فقد وجد قصة الصّنم تقول إن الأميرة بنت الملك حجزت عن الناس فى محبس لتنجو من طالع سئ، واستسلمت فى محبسها لابن الوزير وحملت منه ووضعت وليدها فى صندوق من الخشب وألقت به فى اليمّ، فحملته الأمواج إلى جزيرة نما فيها واهتدى ببصيرته إلى بدائع خلق الله، وبدلا من أن يقول إن القصة الموريسكية وقصة جراثيان استضاءتا بقصة ابن طفيل السابقة لهما بأربعة قرون أو تزيد زعم زعما غريبا هو أن ابن طفيل كان قد عرف أصل القصة الموريسكية عند أجداد الموريسكيين المسلمين من معاصريه، وأنها ألهمته حينئذ قصته: حى بن يقظان. وكل ذلك لينفى عن ابن طفيل أصالته فى قصته العالمية الفريدة، وقد نقض رأيه جوتييه فى ترجمته المجددة لقصة حى بن يقظان سنة ١٩٣٦ قائلا بحق: إنه لا علاقة بين مضمون قصة حى بن يقظان والقصة الموريسكية. وقد افترض غرسية أن القصة لم تعرف فى المحيط الإسبانى إلا بعد ترجمتها إلى اللاتينية فى القرن السابع عشر! وكان ينبغى أن ينبهه ما بينها وبين قصة الكريتيكون المطبوعة فى القرن السابع عشر من تشابه إلى أن الأقرب إلى المنطق وطبائع الأشياء أن تكون قصة حى بن يقظان مما ترجمته مدرسة طليطلة إلى القشتالية أو الإسبانية القديمة فى القرن الثالث عشر الميلادى أو قبله أو لعلها ترجمت قديما إلى اللاتينية، وعلى ضوء إحدى الترجمتين كتبت قصة الكريتيكون. وأيضا كان جديرا بغرسية أن يصل بين قصة ابن طفيل وقصتى ابن سينا اللتين أشار إليهما ابن طفيل فى مقدمته لقصته وهما قصة حى بن يقظان وقصة سلامان وأبسال وما تصوران من غلبة العقل على القوى البدنية وغلبة الذات الإلهية على العلل الكونية، ويؤكد هذه الصلة أن شخصيات أبسال وسلامان وحى بن يقظان عند ابن سيناهى نفس شخصيات قصة حى بن يقظان عند ابن طفيل. وأكثر من ذلك يشير ابن طفيل فى مقدمة قصته صراحة أنه يتابع ابن سينا فى نزعته الصوفية التى بثها فى كتابه أسرار الحكمة المشرقية التى تقابل الحكمة اليونانية. وأيضا فإنه تابع ابن باجة-الذى نوه به مع ابن سينا فى مقدمة القصة-فى كتابه تدبير المتوحد الذى يتحد فيه-كما مر بنا فى الفصل الثانى-عقل الفيلسوف بالعقل العلوى الفعال مباشرة واصلا بذلك ابن باجة بين الفلسفة والدين، ولكن دون نزوع إلى التصوف كما يقول ابن طفيل فى مقدمته للقصة.