دولة الموحدين سنة ٥٨٣ هـ/١١٨٧ م وأن الثانى استطاع الاستيلاء على أوجلة وفزان، كما استولى على طرابلس فترة محدودة سنة ٥٧٩ بعون بنى رياح وبنى دياب الهلاليين، واتجه غربا واستقر فى قابس بإفريقية التونسية، واستولى عليها منه الموحدون سنة ٥٨٣ وفى هذه الأثناء كان على بن غانية صاحب ميورفة حفيد يوسف بن تاشفين يضطغن على دولة الموحدين إزالة ملك أسرة ابن تاشفين أصحاب دولة المرابطين من المغرب والأندلس، فرأى أن يقدم على أعراب طرابلس ويكوّن منهم جيشا لحرب الموحدين واسترداد ملك المرابطين، ووجد قراقوش يحاول دفع هؤلاء الأعراب للانتقاض على الموحدين، فوضع يده فى يد قراقوش مددا متطاولة مثيرين للقلاقل والاضطرابات فى المنطقة، وحين استولى الموحدون من قراقوش على قابس أعلن طاعته لهم مداراة ومكرا، ودار العام ففتك الموحدون بعلى بن غانية سنة ٥٨٤ هـ/١١٨٨ م وكان يرافقه أخوه يحيى، فخلفه فى الشغب على الموحدين، واشتبك مع جنودهم فى معارك مختلفة، واشترك مع قراقوش فى الاستيلاء على طرابلس سنة ٥٩٩ هـ/١٢٠٢ م واختار يحيى بن غانية واليا عليها تاشفين بن غازى، ووالته قابس وصفاقس، وفسد ما بينه وبين قراقوش، فحاصره فى ودان جنوبى مدينة سرت حتى نفد زاده واضطر إلى الاستسلام وقتله وصلبه سنة ٦٠٩ واسترد الموحدون طرابلس سنة ٦١٤ هـ/١٢١٧ م وأداروا مع يحيى بن غانية بالقرب من تونس سنة ٦٢١ معركة حامية الوطيس هزم فيها هزيمة ساحقة، وفر إلى الجنوب هاربا، وظل يتنقل بين الأعراب إلى أن توفى سنة ٦٣١ للهجرة. وظلت طرابلس-منذ استولى عليها الموحدون- تتبع حاكم تونس-وتطورت الظروف سريعا وأسس بتونس أبو زكريا الحفصى الدولة الحفصية سنة ٦٢٥، وأخذ فى العمل على تأسيسها وعاشت قرونا متوالية حتى القرن العاشر الهجرى. وعاشت طرابلس فى إطار سيادتها وأخذت تسترد نشاطها الزراعى والتجارى، واشتهر من قضاتها الطرابلسيين فى أوائل هذا العصر أبو موسى عمران بن معمر الهوارى، وظل يقوم على القضاء العادل البصير بها حتى سنة ٦٥٨ هـ/١٢٥٩ م وطارت شهرة أحكامه وفتاويه إلى تونس وسلطانها المستنصر الحفصى فاستدعاه وأسند إليه القضاء فى عاصمته: تونس. وولى إفريقية التونسية بعد المستنصر ابنه الواثق يحيى سنة ٦٧٤ هـ/١٢٧٥ م وخلع سنة ٦٧٨ للهجرة وتولاها عمه إبراهيم. وظهر-حينئذ-دعىّ من بجاية يسمى ابن أبى عمارة أحمد بن مرزوق طمح إلى الملك فترك مهنة الحياكة التى كان يمتهنها فى بلدته، ونزح إلى سجلماسة، وادّعى فى الأعراب هناك أنه المهدى المنتظر، وبايعه بعضهم، غير أنه شعر أن دعوته لن تنجح هناك، فتركهم، ونزل بين أعراب طرابلس، وادّعى أنه ابن الخليفة الواثق المخلوع وأن اسمه الفضل وبايعه كثيرون من بنى سليم على نصرته، ودانت له طرابلس وبعض البلدان فى غربى ليبيا وشرقى تونس وتقدم فاستولى على تونس سنة ٦٨١ وولى على طرابلس مرغم بن صابر من بنى سليم، وأسره الصقليون فى بعض غاراتهم سنة ٦٨٢ للهجرة، وباعوه لملك أراجون البرشلوني.