٤٣٢، وهو أول من انتصر لمذهب أهل السنة فى بلده ضد المذهب الفاطمى الشيعى، وأمر بمنع شارتهم فى الأذان:«حىّ على خير العمل» ودعا الناس إلى صلاة الضحى جهارا ولم يكونوا يصلونها فى زمن الفاطميين إلا مستخفين، وأعاد صلاة القيام فى رمضان وكان الفاطميون قد محوا رسمها محوا تامّا فى أيامهم، وعنى فى كتاباته ومحاضراته بمناصرة أهل السنة، ومن مؤلفاته التى عنى بها الطرابلسيون طويلا كتابه:«الكافى فى الفرائض». ومن أئمة الفقه المالكى بطرابلس عمران بن موسى بن معمر المتوفى سنة ٦٦٠ وهو أستاذ ابن عبيد الحافظ الكبير الذى نوه به التجانى طويلا كما مرّ بنا، وكان يدرس لطلابه من أمهات المذهب المالكى كتاب التفريع لابن الجلاب وتهذيب المدوّنة للبرادعى. كما كان يدرس لهم كتاب المستصفى للغزالى والمحصول لابن العربى الأندلسى، وظل قاضيا على طرابلس أكثر من ثلاثين عاما واشتهر بدقته فى أحكامه وأقضيته، فاستدعاه المستنصر الحفصى لتولى القضاء فى تونس سنة ٦٥٨ للهجرة، وتولاه لمدة عامين بها حتى توفى. وعرف شيوخ طرابلس حينئذ نظام المعيدين المعروف بمصر وغيرها فى زمانهم، وكان المعيد عنده عبد الوهاب بن محمد الهنزولى، وخلفه فى حلقته ودروسه حين بارح طرابلس إلى تونس بدعوة المستنصر الحفصى، ومن نابهى فقهاء المالكية عبد الحميد بن أبى البركات بن أبى الدنيا المتوفى سنة ٦٨٤ وهو مثل ابن معمر من أساتذة الحافظ المحدث ابن عبيد، وكان يدرس لطلابه بطرابلس كتابى الإرشاد والبرهان لأبى المعالى الجوينى وكتاب المستصفى للغزالى، وسأعود للترجمة له بين الشعراء، إذ كان شاعرا كبيرا. ومن فقهاء المالكية النابهين أحمد بن عبد الرحمن الزليطنى الفقيه الأصولى المتوفى بأخرة من القرن التاسع، وهو أستاذ زروق أو بعبارة أدق أحد أساتذته، وله مؤلفات كثيرة، منها شرحان على مختصر خليل فى الفقه المالكى أحدهما ضخم فى ستة مجلدات، ومنها شرحان على أصول السبكى، ومنها شرح مختصر فتاوى البرزالى، وتولى القضاء بطرابلس فترة ثم أسندت إليه بتونس مشيخة المدارس.
ومرّ بنا زروق فى حديثنا عن الصوفية، وكان فقيها مالكيا كبيرا، ومن كتبه الفقهية شرحان لرسالة ابن أبى زيد فى الفقه، وشرح مواضع من مختصر خليل، وشرح الإرشاد فى الفقه. ويظل الفقه المالكى مزدهرا فى طرابلس-مثلها فى ذلك مثل بقية البلاد المغربية، ومن فقهائها النابهين فى العصر العثمانى محمد بن شعبان الطرابلسى المتوفى سنة ١٠٢٠ وقد أسند إليه القضاء فى طرابلس والفتوى والتدريس، واشتهر بمناظرته لعلماء إستانبول. ومر العياشى بطرابلس سنة ١٠٥٩ هـ/١٦٥٠ م وذكر من فقهائها فى رحلته أثناء وصفه للمدينة محمد بن أحمد بن عيسى اليربوعى ومحمد بن مساهل مفتيها وقد ظلت ولايته للفتوى بها نحو أربعين سنة حمدت فيها سيرته، ونوّه بالفقيه محمد المكى وقال إن بيته بيت علم وذكر له خزانة كتب ليس لأحد من أهل بلدته خزانة تماثلها، وذكر من مؤلفاته:«شكر المنة فى نصر السنة» وهو فى الرد على عقيدة الإباضية.