عامله على طنجة عمر بن عبيد الله المرادى أن صرّح بأنه يريد تخميس أراضى البربر أى أخذ خمسها للدولة زاعما أنها فيء للعرب وغنائم حرب لهم. وكان الخوارج صفرية وإباضية قد دأبوا منذ ولاية يزيد بن أبى مسلم وما أنزل بالبربر من حيف وعسف فى شئون الخراج يدعون لعقيدتهم ومبادئها التى توجب التسوية بين العرب والموالى بربرا وغير بربر فى الشئون المالية ومناصب الدولة حتى منصب الخلافة، فهى ليست حقا لقريش وحدها دون العرب وبقية المسلمين بل هى حق لأكفأ المسلمين جميعا عربا وغير عرب حتى لو كان عبدا حبشيا، ووجد الخوارج فى بلاد المغرب تقبّلا شديدا لمبادئهم بسبب سياسة ولاة بنى أمية الغاشمين فى القرن الثانى الهجرى، إذ رأى البربر-أو كثير منهم-فيها ما يخلصهم من ظلم الأمويين وعسف ولاتهم. وأخذ جبل نفوسة فى ليبيا يصغى للدعوة الإباضية، وهى دعوة معتدلة إذ تدعو لإمام يحقق العدالة والمساواة المطلقة بين المسلمين عربا وغير عرب، ولا تكفر المسلمين ولا تقاتلهم إلا إذا بادروها بالقتال، واستجاب-أو أخذ يستجيب-المغرب الأقصى للصفرية، وهى دعوة متطرفة إذ تكفّر المسلمين وتعد دارهم دار حرب، وتزعّم دعوتهم بالقرب من طنجة بربرى من قبيلة مضغرة البتريّة هو ميسرة، وبايعه البربر وكوّن منهم جيشا احتلّ به طنجة، وفتك بعاملها الغشوم عمر بن عبيد الله المرادى، وهزم ميسرة فى بعض الوقائع، فولت الصفرية عليها خالد بن حميد الزناتى سنة ١٢٣ ولقيه جيش لابن الحبحاب فى الجزائر على نهر شلف، وهزمه خالد فى معركة عنيفة، سميت معركة الأشراف لكثرة من قتل بها من أشراف العرب. وعزل هشام بن عبد الملك واليه ابن الحبحاب سنة ١٢٤ هـ/٧٤١ م وولّى على إفريقية كلثوم بن عياض القشيرى يعاونه ابن أخيه بلج بن بشر، ويلتقيان بخالد بن حميد والصفرية جنوبى طنجة ويهزمان ويقتل كلثوم، ويضطر بلج إلى العبور إلى الأندلس ببقية الجيش. ويولى هشام على إفريقية حنظلة بن صفوان الكلبى، ويقدم إلى القيروان، وسرعان ما يستنفر الصّفريّة لحربه قائدان صفريان: عربى هو عكاشة بن محصن وبربرى هو عبد الواحد بن يزيد الهوارى، وكانا قد اجتمعا فى الزاب بالجزائر، واتفقا على أن يسير عكاشة مع جيشه فى السهول شمالى جبال الأوراس ليهاجم القيروان من الجنوب ويسير عبد الواحد من ناحية قسنطينة ليهاجم القيروان من الشمال، وعرف حنظلة خطتهما، فأسرع بلقاء عكاشة وهزمه هزيمة ساحقة، وتقدم عبد الواحد إلى القيروان، فاستثار حنظلة فقهاءها، فخرجوا مع جيشه لمنازلته، وخرج معهم نساء القيروان حاملات للسلاح مستبسلات للموت مع الجيش، فامتلأ الرجال حمية ودارت الدوائر على عبد الواحد وجيشه من الصفرية، وحمل رأسه إلى حنظلة فخرّ لله ساجدا.
وقتل الوليد بن يزيد الخليفة الأموى سنة ١٢٦ فطمع عبد الرحمن بن حبيب حفيد عقبة بن نافع فى الاستيلاء على ولاية إفريقية وأعلن الثورة سنة ١٢٧ هـ/٧٤٤ م ففكر حنظلة