القيروان وسوسة وصفاقس ونفطة، واتخذ قصر باردو مقرا لحكومته وبنى به قصرا ومسجدا.
ورضيت عنه الدولة العثمانية فجعلت ولاية تونس وراثية فى أسرته، ولم يكن له ولد فى أول أمره فتبنّى ابن أخيه على بن محمد، وعنى بتربيته وجعله وليا لعهده ثم رزق بابنيه محمد وعلى، فنقل ولاية العهد منه إلى ابنه محمد الرشيد وجلب لعلى ابن أخيه من الدولة العثمانية لقب الباشا، ولكن عليا ظل غاضبا، ووصل إلى الجزائر، فشجعه حاكمها العثمانى على مغاضبة عمه وأمده بجيش جرار، زحف به إلى الإقليم التونسى والتقى بجيش لعمه وانتصر عليه سنة ١١٤٧ هـ/١٧٣٥ م ودخل تونس وتقلد شعار الولاية، وأصبح تابعا لوالى الجزائر العثمانى يؤدى إليه الخراج، أما عمه حسين باى فإنه نجا مع ابنيه إلى القيروان وأخذ يعد جيشا للقاء ابن أخيه حتى إذا كانت سنة ١١٥٣ هـ/١٧٤١ م التقى الجيشان جنوبى القيروان ودارت الدوائر على جيش حسين وقتل فى المعركة. وأصبح على واليا لتونس دون منازع. وكان البحارة الجنويون يقيمون فى مرسى طبرقة بالشمال الغربى للقطر التونسى، فبعث ابنه يونس على رأس جيش شرّدهم كما شرد فرنسيين فى قرية بجوارهم أقاموا بها مراكز تجارية. وحدث شقاق بين الابن وأبيه، وتحاربا ودارت الدوائر على ابنه. وكان على باشا متعمقا فى الدراسات اللغوية، وله شرح كبير على كتاب التسهيل لابن مالك فى النحو، وجمع فى قصر باردو مكتبة نفيسة، وأنشأ أربع مدارس بعاصمته: الباشية نسبة إليه والسليمانية ومدرستى بير الحجاز، وكان راعيا للأدباء والشعراء من أمثال على الغراب ومحمد الورغى. وكان ابنا عمه حسين قد فرّا بعد مقتل أبيهما إلى الجزائر مستنجدين بواليها التركى، وظلا هناك ستة عشر عاما استطاعا فى نهايتها أن يقنعا الوالى التركى بأن يرسل معهما جيشا لنصرتهما على ابن عمهما وأخذهما بثأرهما، وأرسل معهما جيشا جرارا، حاصرا به تونس، ودافع ابن عمهما على دفاعا مستميتا سنة ١١٦٩ هـ/١٧٥٦ م وخرّ صريعا فى المعركة.
وتربّع ابن عمه محمد الرشيد على كرسىّ تونس، وكان مولعا بالموسيقى والتلحين والضرب على مختلف الآلات، فترك تدبير شئون الدولة لأخيه على، ولم يلبث أن توفى سنة ١١٧٢ هـ/١٧٥٩ م وخلفه أخوه على واهتم بتعضيد التجارة والزراعة والصناعة، وانتشر فى القطر الأمن. وأنشأ فى تونس محكمة شرعية ومدرسة لقبت بالجديدة، كما أنشأ تكية للضعاف والعجزة من الرجال والنساء، ولما تم بناؤها وأخذت تقدم الغذاء للمحتاجين قاد إليها جماعة من العمى فاقدى البصر وجلس معهم وأطعمهم بيده. وحدث فى أوائل حكمه سنة ١١٨١ هـ/١٧٦٨ م أن ألحقت فرنسا جزيرة كورسيكا بممتلكاتها فلم تصادق الحكومة التونسية على هذا الإلحاق ولا اعترقت بالجنسية الفرنسية لأسرى تلك الجزيرة ممن حملهم إلى تونس أمراء البحر المتوسط وقراصنتها، وأعلنت فرنسا الحرب على تونس وأطلق أسطولها قنابل على ثغور المنستير وسوسه وحلق الوادى وبنزرت وبعد اتصالات أبرم الصلح بين فرنسا وتونس