للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شعراء صقلية سماه: «الدرة الخطيرة فى المختار من شعراء الجزيرة» وفى دار الكتب المصرية مختصر له، ونقل عنه العماد الأصبهانى فى الخريدة: قسم صقلية طائفة كبيرة من شعرائها البارعين. ومن هؤلاء النازحين عن صقلية فى العهد النورمانى على بن ابراهيم النحوى الصقلى المعروف بابن المعلم، كان مجيدا للغة والنحو وتصدر للإفادة فيهما، بارح صقلية واستوطن مصر إلى أن توفى بها سنة ٥٣٢ هـ‍/١١٣٧ م. ومنهم عثمان بن على السّرقوسى الصقلى النحوى، كان عالما نحويا مقرئا للقرآن الكريم، وله حاشية على كتاب الإيضاح لأبى على الفارسى، وكانت له فى جامع الفسطاط حلقة للإقراء وانتفع به الناس ونقلوا كلامه وكتبوا تصانيفه، وله مختصر كتاب العمدة لابن رشيق زاد به أبوابا أخل بها مؤلفه وهى واقعة موقعا جيدا من التصنيف.

وحقا كان النشاط العلمى لهؤلاء النحاة واللغويين الصقليين خارج جزيرتهم، ولكنى ذكرتهم لأدل على مدى ما حدث بالحركة العلمية فى صقلية من خمود وقف ما كان ينتظر لها من ازدهار عظيم بسبب استيلاء النورمان عليها.

وإذا انتقلنا إلى الحركة الدينية وبدأنا بالقراءات القرآنية وجدنا لصقلية إماما كبيرا من أئمتها هو عبد الرحمن بن عتيق المقرئ المعروف بابن الفحام المولود بسرقوسة سنة ٤٢٢ هـ‍/١٠٣٠ م وقد رحل من صقلية إلى مصر سنة ٤٣٨ هـ‍/١٠٤٦ م فى طلب القراءة القرآنية على أئمتها المصريين وظل يأخذها عنهم حتى سنة ٤٥٤ هـ‍/١٠٦٢ م ومن شيوخه فيها ابن نفيس تلميذ عبد المنعم بن غلبون شيخ القراءات بمصر، وتتلمذ لابن بابشاذ وأملى عليه شرح مقدمته المشهورة فى النحو، وعاد إلى بلده، ولم يلبث أن نزلها النورمان فبارحها إلى الإسكندرية واتخذها موطنا له، وكان من أعلم القراء بالقراءات ووجوهها، ولم يلبث أن أصبح شيخ القراء بالاسكندرية علما ودراية، وألف فيها كتابه «التجريد فى بغية المريد» وبها توفى سنة ٥١٦ هـ‍/١١٢٢ م.

وكان كثير من القرّاء لا يزالون يلقون على طلاب صقلية دروسا فى التفسير، ويلقانا فى منتصف القرن السادس الهجرى مفسر صقلى كبير هو ابن ظفر ويهاجر منها إلى الشام وسنترجم له فى حديثنا عن النثر الصقلى، وتظل رواية الحديث النبوى ناشطة فى العهد النورمانى، ويلقانا فيه إمام من أئمته، هو الحافظ محمد بن على بن عمر التميمى المعروف باسم المازرى نسبة إلى مسقط رأسه فى مدينة مازر بصقلية، وقد لزم حلقات شيوخها حتى اكتمل مرباه العلمى، وهاجر منها إلى الإقليم التونسى، وتولى القضاء فى القيروان ثم فى المهدية، وبها ألقى عصاه إلى أن توفى سنة ٥٣٦ هـ‍/١١٤١ م عن ثلاث وثمانين سنة ودفن برباط المنستير وفيه يقول ابن خلكان هو أحد الأعلام المشار إليهم فى حفظ الحديث، ويقول المقرى فى أزهار الرياض ناعتا له: «الإمام المجتهد أبو عبد الله المازرى عمدة النظار، ومحور الأمصار، المشهور

<<  <  ج: ص:  >  >>