للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخلافة (٩٩ - ١٠١ هـ‍) فأمر بتدوينه. جاء فى حاشية (١) الزرقانى على موطأ مالك: «لم يكن الصحابة ولا التابعون يكتبون الأحاديث إنما كانوا يؤدّونها لفظا ويأخذونها حفظا إلا كتاب الصدقات والشئ اليسير. . حتى خيف عليها الدروس وأسرع فى العلماء (من حفّاظها) الموت، فأمر عمر بن عبد العزيز أبا بكر الحزمى (والى المدينة) فيما كتب إليه: أن انظر ما كان من سنّة أو حديث فاكتبه. وقال مالك فى الموطأ رواية محمد بن الحسن: أخبرنا يحيى بن سعيد أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى أبى بكر محمد بن عمرو بن حزم، أن انظر ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أو سنتّه أو نحو هذا فاكتبه لى فإنى خفت دروس العلم وذهاب العلماء، علّقه البخارى فى صحيحه، وأخرجه أبو نعيم فى تاريخ أصبهان بلفظ: كتب عمر إلى الآفاق: انظروا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجمعوه». وتوفّى عمر قبل أن يصله عمل ابن حزم فى هذا الصدد. وأول مدوّن للحديث بالمعنى الدقيق لكلمة تدوين هو ابن شهاب الزهرى (٢) المتوفى سنة ١٢٤ للهجرة. وأخذ التصنيف والتأليف فى الحديث يكثر بعده ويتسع، وسرعان ما ظهر موطأ مالك ثم تتابعت صحاحه مثل صحيح البخارى وصحيح مسلم.

وإنما قدمنا ذلك ليقف القارئ على أن الحديث تأخر تدوينه، وكان طبيعيّا أن يتداوله الأعاجم والمولدون قبل هذا التدوين حتى ينهجوا نهج الرسول ويقتفوا أثره، فزادوا ونقصوا فى عبارته وقدموا فى كلماتها وأخّروا وأبدلوا ألفاظا بألفاظ، ومن أجل ذلك رأى أئمة اللغة والنحو من علماء البصرة والكوفة وبغداد أن لا يحتجوا بشئ من الحديث فى إثبات لغة العرب والاستدلال على القواعد التى دونوها، لأن الأحاديث لم تكن تروى بألفاظها كما جاءت عن الرسول إنما كانت-تروى غالبا-بمعانيها، ومن أجل ذلك كان كثير من الأحاديث تتعدد رواياته.


(١) انظر الحاشية ١/ ١٠.
(٢) انظر فى ترجمته كتاب الأنساب للسمعانى ٢٨١ وابن خلكان (طبعة بولاق) ١/ ٥٧١ وتهذيب التهذيب لابن حجر ٩/ ٤٤٥ وتذكرة الحفاظ للذهبى ١/ ١٠٢ والمعارف لابن قتيبة ص ٢٣٩ وصفة الصفوة ٢/ ٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>