السوس، وولى على طنجة طارق بن زياد مولاه البربرى. وكان يترك فى النواحى التى لم يتم إسلامها من يعلمون أهلها فرائض الإسلام ويحفظونهم القرآن الكريم، وأسلم كثير من البربر فى أيامه. وأتم التنظيم الإدارى لبلدان المغرب، فقسمه إلى ولايات ولكل ولاية قاعدتها وحاكمها، فالمغرب الأقصى عاصمته طنجة، وغربى المغرب الأوسط (الجزائر) عاصمته تلمسان، وشرقى المغرب الأوسط (إفريقية التونسية ونوميديا الجزائرية وطرابلس) عاصمته القيروان، وجعل لبلاد السوس جنوبى المغرب الأقصى ولاية مستقلة عاصمتها سجلماسة، وجعل إقليم برقة ولاية مستقلة عاصمته برقة. وقام بعمل عظيم مع مولاه طارق والى طنجة إذ فتحا إسبانيا ونشرا الإسلام بها فى إقليمها الجنوبى والأوسط المسمى-فيما بعد-باسم الأندلس، وهو شرف للبطلين لا يماثله شرف.
وعزل الخليفة سليمان بن عبد الملك قصير النظر موسى بن نصير. ويعد عهد موسى بن نصير نهاية الفتح العربى للربوع المغربية ونشر الإسلام فى جميع أرجائها. وقد خلفه محمد بن يزيد مولى قريش سنة ٩٧ للهجرة وكان حسن السيرة-كما يقول الرقيق القيروانى-عادلا رفيقا كل الرفق بالرعية. ويصبح عمر بن عبد العزيز خليفة المسلمين سنة ٩٩ فيصلح أداة الحكم فى الدولة، ويرسل إلى إفريقية والقيروان بعثة من عشرة فقهاء ليعملوا على نشر الدين الحنيف فى الديار المغربية واختار أحدهم وهو إسماعيل بن عبيد الله حفيد أبى المهاجر والى القيروان بين فترتى عقبة بن نافع الذى فتح المغرب الأقصى ونشر به الدين الحنيف، وكان الحفيد مثل جده تقوى وسياسة حكيمة، فأصلح الجباية بالمغرب وسوّى فيها-كما أمر عمر بن عبد العزيز- بين البربر والعرب، وعمل بقوة-مع زملائه الفقهاء التسعة الذين أرسلهم معه عمر-على نشر الدين الحنيف فى المغرب، ودخله منهم أفواج لا تكاد تحصى. وتوفى الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز سنة ١٠١ للهجرة، وخلفه يزيد بن عبد الملك، فعاد ولاته إلى الخسف والظلم فى جمع الضرائب والأموال من الولايات المغربية، وقد اختار للمغرب يزيد بن أبى مسلم صاحب شرطة الحجاج سنة ١٠٢ فساس المغرب بسياسة الحجاج الغاشمة التى قامت على التفرقة بين العرب والموالى المسلمين فى العراق، غير ملاحظ أن أهل المغرب من البربر انتظموا فى سلك الجيوش التى أتمت فتح المغربين الأوسط والأقصى وأنهم كانوا الأكثرية فى الجيش الذى فتح إيبيريا وأدخل الشطر الأعظم منها فى الدين الحنيف، وبذلك أصبحوا- بالقياس إلى العرب-رفقاء سلاح وجهاد، ولم يلبث البربر أن أجمعوا على قتله، فقتلوه سنة ١٠٣ للهجرة، وكان ذلك درسا ليزيد بن عبد الملك، فولّى على المغرب فى نفس السنة بشر ابن صفوان الكلبى، وكان رءوفا بالرعية، وأرسل حملة من العرب وإخوانهم البربر لغزو صقلية سنة ١٠٧ وعادت الحملة بغنائم وفيرة، وتوفى سنة ١٠٩ للهجرة، فولّى هشام بن عبد الملك عبيدة بن عبد الرحمن السلمى سنة ١١٠ وأخذ البربر بالرفق والمعاملة الحسنة، وأرسلت