الذى لا سمت له إلى غير ذلك من مباحث هندسية مع بيان حركات الشمس والقمر ومعرفة مواقيت الصلاة.
ورأينا فى القسم الخاص بتونس أنه كان بها نهضة كبيرة فى دراسة الطب منذ أواخر القرن الثالث الهجرى وامتدت إلى القرن العاشر، وكان القسم الشرقى من الجزائر حتى قسنطينة وبجاية مندمجا فى الإقليم التونسى إلى نهاية القرن الرابع، وقامت فيه دولة بنى حماد، وتكاد تستولى على أكثر الجزائر، وعنيت بتشجيع العلوم والآداب، فكان طبيعيا أن تعنى بالطب، ويلقانا من أطبائها فى القرن الخامس الهجرى ابن النباش محمد بن عبد الله البجائى، وكان يعنى بعلم الطب وعلاج مرضاه عناية شديدة، ومن أطباء هذه الدولة فى القرن السادس ابن أبى المليح ويقول العماد الأصبهانى فى الخريدة إنه كان طبيبا ماهرا وشاعرا مجيدا، غير أن اشتهاره إنما هو فى الطب. ونلتقى فى قلعة بنى حماد بصيدلى هو أبو جعفر القلعى عمر بن اليدوخ وكان خبيرا بمعرفة الأدوية المفردة والمركبة، ومن مؤلفاته حواش على كتاب القانون فى الطب لابن سينا. ومن أطباء بجاية فى القرن السابع ابن أندراس محمد بن أحمد الأموى أندلسى من مدينة مرسية هاجر منها إلى بجاية فى عشر الستين وستمائة مستوطنا وكان يدرس للطلاب الطب ويقرئهم كتبه ويقول الغيرينى إنه قرأ عليه أرجوزة ابن سينا فى الطب وجملة من كليات القانون، وكان يحضر دروسه نبهاء الطلبة ويثير فيها من الأبحاث الطبية ما تعجز الكتب عن بيانه، وكان متوليا لطب الولاة ببجاية مع بعض خواص الأطباء بها، وله رجز نظم فيه بعض الأدواء، واستدعاه المستنصر الحفصى إلى تونس ولم يلبث أن توفى سنة ٦٧٤ هـ/١٢٧٥ م. وكان يعاصره محمد بن يحيى بن عبد السلام وكان له حظ من الطب علمى وعملى، وكان مزاولا له يعالج المرضى. وننتقل إلى تلمسان فى عهد الدولة الزيانية، ومن أطبائها المهمين محمد بن أبى جمعة التلالسى أحد أطباء أبى حمو موسى الثانى (٧٦٠ - ٧٩١ هـ) وكان شاعرا مجيدا. ويذكر عبد الباسط بن خليل المصرى الذى زار تلمسان فى أواخر القرن الثامن الهجرى وسجل زيارته لها فى رحلته أنه رأى فيها طبيبين: طبيبا مسلما هو محمد بن على بن فشوش وهو أحد أطبائها فى تدريس الطب ومزاولة المهنة، وطبيبا يهوديا وفد على تلمسان من الأندلس يسمى موسى بن صمويل ويعرف بابن الأشقر اليهودى ويقول إنه كان ملازما لسلطان تلمسان محمد بن أبى ثابت (٧٩٦ - ٨٠١ هـ). ومن تلاميذ ابن فشوش فى القرن التاسع الهجرى أبو الفضل محمد المشدالى، وكان يعاصره إبراهيم بن أحمد الثغرى وله معجم صغير فى الطب. ونلتقى فى العهد العثمانى بعبد الرزاق بن حمادوش المتوفى حوالى سنة ١١٧٠ هـ/١٧٦٥ م وله كتاب الجوهر المكنون من بحر القانون فى الطب وفروعه، وقد طبع منه قسم خاص بالصيدلة يسمى كشف الرموز.
وإذا تركنا العلوم الطبية والرياضية إلى الفلسفة وبدأنا ببجاية التى كانت عاصمة للدولة الحمادية التقينا فيها بنزيلها الأندلسى الحرالى على بن أحمد من قرية من قرى مدينة مرسية المتوفى