التفسير كتاب فى أجوبته على اعتراضات أبى حيان الأندلسى فى تفسيره المحيط على عبد الحق بن عطية والزمخشرى. وبأخرة من هذا العصر نلتقى بمحمد بن أحمد بن عبد القادر الملقب بأبى راس، وله تفسير فى ثلاثة مجلدات.
وزخرت الجزائر بالنشاط فى دراسات الحديث النبوى مثلها فى ذلك مثل بقية البلاد الإسلامية فكثر بها المحدثون من أبنائها والنازحين إليها من الأندلس والبلدان المغربية والمشرقية، ومن أوائل الوافدين عليها من المحدثين أبو معمر عباد بن عبد الصمد التميمى من أهل البصرة كان قد لقى الصحابى أنس بن مالك وعليه معتمده وكذلك لقى الحسن البصرى وعطاء بن أبى رباح التابعين وروى عنهم جميعا الحديث وقدم البلاد المغربية فأخذ الحديث عنه أناس كثيرون فى طرابلس والقيروان وقسنطينة وبها توفى، ويقول أبو العرب فى طبقاته إنه روى مناكير فى الحديث عن أنس لم يروها غيره ولكنه مشهور بكثرة من أخذ الحديث عنه. وممن بكروا فى النزوح إليها من الأندلس سعيد بن فحلون نزيل بجاية المتوفى بها سنة ٣٤٦ هـ/٩٥٨ م عن ثلاث وتسعين سنة، وكان قد رحل إلى المشرق وحمل عن النسائى كتابه السّنن أحد كتب الصحاح الستة المشهورة، وكانت إليه الرحلة للسماع من البلدان الأندلسية. وفى نفس هذا القرن الرابع استوطن أحمد بن نصر الداودى تلمسان حتى وفاته سنة ٤٠٢ هـ/١٠١٢ م، وكان فقيها كبيرا وله شرح على صحيح البخارى سماه النصيحة. واشتهرت فى طبنة عاصمة الزاب فى القرون الأولى أسرة بنى الطبنى برواية الحديث النبوى، ومنها عبد الملك بن زيادة الله الطبنى نزيل قرطبة المتوفى سنة ٤٥٧. ومن محدثى القرن السادس بتلمسان يعقوب بن أحمد، لقى بمرسية فى الأندلس أبا على الصدفى سنة ٥١١ وعاد إلى تلمسان فحدّث الطلاب بها إلى وفاته. ومن كبار المحدثين فى نفس القرن عبد الحق الإشبيلى نزيل بجاية المتوفى بها المار ذكره، وله الأحكام الكبرى فى الحديث ست مجلدات والأحكام الصغرى والأحكام الوسطى والجمع بين الصحيحين: صحيح البخارى وصحيح مسلم. وكان يعاصره مواطنه أبو بكر بن سعادة الإشبيلى نزيل تلمسان المتوفى سنة ٦٠٠ هـ/١٢٠٤ م ويقول ابن مريم:«كان ضابطا نقادا محدثا عالى الرواية» ومن تلاميذه ابن أبى العيش الخزرجى. ومن محدثى الإباضيين يوسف بن إبراهيم الورجلانى المار ذكره بين المفسرين وله ترتيب مسند الربيع بن حبيب الإباضى البصرى المتوفى سنة ١٧٠ هـ/٧٨٧ م. ومن محدثى القرن السابع أبو زكريا الزواوى استوطن بجاية وتوفى بها سنة ٦١١ هـ/١٢١٤ م وكان يقرأ عليه صحيح البخارى إلى وفاته عن سنّ عالية. ومن محدثى هذا القرن فى مدينة الجزائر محمد بن قاسم بن منداس المتوفى بها سنة ٦٤٣ هـ/١٢٤٦ م وكان يعكف على تدريس علوم الحديث. وكان يعاصره فى بجاية على بن فتح بن عبد الله المتوفى بها سنة ٦٥٢ هـ/١٢٥٥ م واشتهر بسنده العالى لصحيح البخارى الذى أخذه فى رحلته إلى المشرق، إذ أخذه عن أبى محمد بن يونس عن أبى الوقت وروايته إحدى الروايات الأساسية