وقد تناظر الفقيهان فى عبد الرحمن بن القاسم هل هو مقلد أو هو مجتهد. وقال عمران إنه مجتهد اجتهادا مطلقا بدليل مخالفته لمالك فى كثير من المسائل. ونلتقى فى القرن الثامن بالإمام العالم الفذ فارس المعقول والمنقول محمد بن أحمد الشريف الحسنى التلمسانى المتوفى سنة ٧٧١ هـ/١٣٧٠ م ومرّ ذكره فى علوم الأوائل وبين المفسرين وإليه انتهت إمامة المذهب الفقهى المالكى فى عصره، وكان مع علمه الواسع بالفقه عالما بأصوله، ومن مصنفاته مفتاح الوصول فى بناء الفروع على الأصول طبّق فيه الأصول على مسائل الفقه، ويقول ابن خلدون إنه ملأ المغرب معارف وتلاميذ. ومن فقهاء هذا القرن عبد الرحمن الوغليسى المتوفى سنة ٧٨٦ هـ/١٣٨٥ م شيخ العلماء فى بجاية وعالمها ومفتيها، وله «الجامعة فى الأحكام الفقهية على مذهب الإمام مالك، وتسمى: «الوغليسية» نسبة إليه.
ومن كبار فقهاء القرن التاسع الهجرى أحمد بن حسن المشهور باسم ابن قنفذ قاضى قسنطينة المتوفى سنة ٨٠٩ هـ/١٤٠٦ م، وله شرح على رسالة ابن أبى زيد فى الفقه المالكى وشرح ثان على كتاب التفريع لابن الجلاب المالكى وشرح ثالث على الأرجوزة التلمسانية باسم معونة الرائض فى مبادئ الفرائض. ومن فقهاء القرن الكبار محمد بن مرزوق الحفيد المار ذكره فى علوم الأوائل وبين العروضيين والبلاغيين والمحدثين، وله: شرح على باب الطهارة بمختصر خليل بن إسحاق الفقيه المصرى المتوفى سنة ٧٤٩ هـ/١٣٤٨. ومنذ ألف خليل هذا الكتاب الموجز وشروحه تتكاثر فى الجزائر كما تتكاثر شروح مختصر ابن الحاجب الفقيه المصرى المالكى المتوفى قبله بنحو قرن. ومن الفقهاء أحمد بن زاغو التلمسانى المتوفى سنة ٨٤٥ هـ/١٤٤١ م، ومن تآليفه شرح التلمسانية فى الفرائض.
ونلتقى بعبد الرحمن الثعالبى كبير المفسرين فى العصر، ومن مصنفاته الفقهية شرح ابن الحاجب الفرعى فى سفرين، وجواهر المدوّنة وعيون مسائلها فى سفرين، وجامع الأمهات فى أحكام العبادات. ويلقانا بعده تلميذه وتلميذ ابن زاغو الفقيه يحيى المازونى المتوفى سنة ٨٨٣ هـ/١٤٧٩ م وله الدرر المكنونة فى نوازل مازونة، جمع فيه فتاوى الفقهاء المتأخرين من أهل تونس وبجاية والجزائر وتلمسان وغيرهم فى سفرين. ونلتقى فى أواخر القرن التاسع الهجرى وأوائل العاشر بالفقيه أحمد بن يحيى الونشريسى المتوفى سنة ٩١٤ هـ/١٥٠٨ م حامل لواء المذهب المالكى فى أيامه، وكان يدرس لطلابه مدونة ابن سحنون وابن الحاجب الفرعى ومن مؤلفاته: تعليق على ابن الحاجب الفرعى والقواعد فى الفقه والفروق، وأهم مؤلفاته المعيار المعرب عن فتاوى علماء إفريقية والأندلس والمغرب فى ستة أسفار، وهو موزع على أبواب الفقه فى العبادات والمعاملات والأحوال الشخصية.
ونمضى إلى العهد العثمانى فى الجزائر وكان سلاطين آل عثمان يرسلون مع ولاتهم قضاة