للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحنافا، وعادة كانوا يعودون مع الولاة بعد حكمهم نحو سنتين، ويأتى الوالى الذى خلفه ومعه قاض جديد، وبعد عدة أجيال كان يدرس لهم الفقه الحنفى فى بعض المدارس والجوامع أخذ ينشأ فى الجزائر علماء أحناف من أبناء العثمانيين المولودين فيها. وأخذ الولاة يولون منهم القضاة دون حاجة إلى جلب قضاة من العاصمة: إستانبول، وأول قاض حنفى جزائرى هو الحسين بن رجب الذى تولى القضاء سنة ١١٠٢ هـ‍/١٦٩١ م وكان القاضى الحنفى يسمى المفتى وشيخ الإسلام ودائما كان بجواره فى المدن قاض مالكى، إذ كانت جماهير الشعب مالكية، وله بدوره حق الفتوى، وإذا اختلف مع القاضى الحنفى عقد لهما مجلس من العلماء للمناظرة ومن انتصر منهما أخذ بفتواه وقد يعزلان معا ويولّى غيرهما.

وعلى الرغم من كثرة الدروس فى المذهب الحنفى لم ينشط أصحابه فى التأليف إذ ظلوا طويلا يمكثون سنتين فى الجزائر ويعودون إلى استانبول فلم تهيّأ لهم الفرصة حينئذ للتأليف طوال القرن الحادى عشر الهجرى إنما تهيأ ذلك حين أصبح القضاة يختارون من أبناء العثمانيين الجزائريين، ويوضح ثبت فى كتاب تعريف الخلف برجال السلف مدد توليهم فى القرن الثانى عشر الهجرى وكيف كانت تتوارث وظيفة القضاء الحنفى بعض الأسر مثل أسرة العنابى ولها نشاط محمود فى التأليف، وعلى شاكلتهم عبد القادر الراشدى القاضى الحنفى فى أوائل القرن الثانى عشر ولكنه عنى بمباحث علم الكلام. أما الفقه المالكى فظل التأليف بالعهد العثمانى متصلا فيه وخاصة فى وضع الشروح والحواشى ونظم المتون، ولمصطفى الرماصى المتوفى فى أوائل القرن الثانى عشر حاشية على شرح لمختصر خليل بن إسحاق، ونظمه أحمد البونى المتوفى سنة ١١٣٩ هـ‍/١٧٢٧ م تيسيرا لحفظه على الناشئة، ولعبد الرحمن الأخضرى صاحب متن السلم فى المنطق مختصر فى العبادات شرحه عبد الكريم الفكون (الحفيد) المتوفى سنة ١١٧٣ هـ‍/١٧٦٠ م ولعبد الرحمن البيدرى التلمسانى ياقوتة الحواشى على شرح الإمام الخراشى لمختصر خليل فى أربعة أسفار فرغ منه سنة ١١٧٩ هـ‍/١٧٦٦ م ونظم المختصر خليفة بن حسن القمارى فقيه بسكرة وفرغ من نظمه سنة ١١٩٢ هـ‍/١٧٧٩ م.

ومن كبار فقهاء الإباضية فى العهد العثمانى عبد العزيز الثمينى المتوفى سنة ١٢٢٣ هـ‍/١٨٠٨ م وله كتاب النيل فى ثلاثة أجزاء وهو مرجع أساسى فى الفقه الإباضى وفروعه فى العبادات والمعاملات، وهو يقوم عند الإباضيين مقام مختصر خليل بن إسحاق المصرى فى الفقه المالكى وشروحه وحواشيه. وأكمله بكتابه: الورد البسام فى رياض الأحكام، وله مختصر المنهاج فى علوم الشريعة فى أربعة أجزاء وكتاب الألواح فى الفقه وكتاب التاج فى حقوق الأزواج وفيه يعرض الحقوق الزوجية وقضايا الأسرة إلى غير ذلك من كتب فى المنطق وعلم الكلام وأصول الدين.

<<  <  ج: ص:  >  >>