للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان يوسف بن المبارك من موالى بنى حماد، وله فيهم مدائح مختلفة، من ذلك قوله فى بعض قصائده يخاطب الأسرة:

ما منكم إلا همام حوى ... مناقبا جلّى ومجدا صراح (١)

وتبذلون الرّفد يوم النّدى ... وتسعرون الحرب يوم الكفاح (٢)

وترفعون الجار فوق السّها ... وتكرمون الضيف مهما استماح (٣)

لا زلتم تجنون زهر العلا ... فى معرض العزّ بحدّ الصّفاح (٤)

أما ابن أبى المليح فكان اشتهاره بالطب أكثر من اشتهاره بالشعر إذ كان طبيبا ماهرا، ويقول العماد إن له مقطعات فى الغزل جالبة للحب سالبة للبّ ولم يرو منها شيئا له، إنما روى قطعة من قصيدة يهنئ بها الأمير عبد الله بن العزيز الحمادى فى أحد الأعياد واصفا فيها خيله، يقول:

وجالت به جرد المذاكى كأنها ... عذارى ولكن نطقهنّ تحمحم (٥)

وصفراء كالتّبر العتيق صقيلة ... ودهماء يتلوها كميت وأدهم (٦)

وأشقر لو يجرى مع البرق جهده ... لكان له يوم الرّهان التقدم

وحام لواء النّصر يتبع راية ... بها العزّ معقود عليها متمّم (٧)

ويترجم العماد فى نفس الجزء السالف من خريدته لشاعرين من شعراء القلعة الحمادية قدما إلى مصر فى أواخر عهد تلك الدولة هما محمد بن عبد الله بن زكريا القلعى الأصم وعلى بن إسماعيل القلعى، أما محمد فينقل عن كتاب جنان الجنان ورياض الأذهان للرشيد بن الزبير المؤلف حول منتصف القرن السادس الهجرى أنه قال عنه: «كان جيد الشعر، وارى (٨) زناد الفكر» وأنشد له قطعة فى وصف فوارة من قصيدة فى مديح كرامة بن المنصور بن الناصر بن علناس وفيها يقول:

وحاكية بالماء لون اضطرابه ... قواما وحسنا حين يبدو ويوبص (٩)

قضيب لجين ألمع الصّقل متنه ... وأخلصه فى السّبك من قبل مخلص (١٠)

تسامى قليلا ثم عاد كأنه ... جمان حواليها على الماء يرقص (١١)

كأنّ نوالا من يمين «كرامة» ... يمدّ به إذ لا ترى الماء ينقص


(١) جلى: عظيمة، صراح: خالصا.
(٢) الرفد: العطاء. تسعرون: توقدون.
(٣) السها: كوكب صغير خفى الضوء. استماح: اتسع فى الطلب.
(٤) الصفاح: السيوف.
(٥) المذاكى: الخيل المدرّبة. التحمحم: صوت الخيل دون العالى.
(٦) التبر: الذهب. صقيلة: مدربة. دهماء: سوداء. كميت: أحمر ضارب إلى السواد.
(٧) حام: دار.
(٨) وارى: متقد.
(٩) يوبص: يبرق ويلمع
(١٠) لجين: فضة.
(١١) جمان: لؤلؤ.

<<  <  ج: ص:  >  >>