للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وينقل العماد عن ابن الزبير أنه كان مبخوس الجدّ (١) وأنه ورد إلى الإسكندرية ومصر (الفسطاط) وأقام بهما زمانا لا يجد من يروى ظمأته ويسد خلّته (٢)، وعاد إلى المغرب ونزل بينى الأشقر فى طرابلس الغرب، وامتدحهم بقصيدة ميمية فأحسنوا صلته وعظموا جائزته، ومن قوله فى مديحهم:

وفى ذا الحمى المأمول يأمن خائف ... وفى ذا الندى المعسول ينقع حائم (٣)

عضدتم على أحسابكم بفعالكم ... كما عضدت أسّ البناء الدعائم (٤)

على كلّ أرض من نداكم مياسم ... وفى كل ناد من ثناكم مواسم (٥)

وأما على بن إسماعيل القلعى فينقل العماد عن الرشيد بن الزبير أنه كان من الواردين أيضا على مصر وأن الخليفة الفاطمى الحافظ (٥٢٤ - ٥٤٤ هـ‍) استوزر أحمد بن الأفضل بن بدر الجمالى، وكان هو وأبوه وجده سنيين، ويبدو أنه أراد أن يزيل الخلافة الفاطمية من مصر، فأمر خطباء المساجد أن لا يدعوا فى خطب يوم الجمعة للحافظ وأن يسقطوا من أذانهم للصلاة: «حىّ على خير العمل» شعار الفاطميين، وتنبه أنصار الفاطميين وشيعتهم فقتلوه، ويقول ابن الزبير إن على بن إسماعيل القلعى نظم فى هذا الحادث قصيدة مدح بها الحافظ ومن قوله فيها:

وليل صحبت السيف يرعد حدّه ... وقد شاب فيه مفرق الصّعدة السّمرا (٦)

إلى أن بدا وجه الصّباح كأنه ... لحافظ دين الله آيته الكبرى

ويعلق العماد على وصف الخليفة الحافظ بأنه حافظ لدين الله قائلا: «أستغفر الله من ذلك فإنه لم يكن حافظا وإنما كان مضيّعا».

وتقضى دولة الموحدين وزعيمها عبد المؤمن على الدولة الحمادية فى بجاية وتصبح الجزائر تابعة لها، ويشتهر بها حينئذ شاعران: الحسن بن على بن عمر القسنطينى المعروف باسم ابن الفكون وسنخصه بترجمة، ومحمد (٧) «بن على بن مروان بن جبل الهمدانى الوهرانى الأصل الناشئ بتلمسان، وكان فقيها نابها تولى قضاء تلمسان ثم استقدمه المنصور الموحدى (٥٨٠ - ٥٩٥ هـ‍) لقضاء الجماعة بمراكش وظل حميد السيرة مشهورا بالعدل فى أحكامه، وعزله المنصور بعد فترة، وأعاده ابنه الناصر إلى أن توفى سنة ٦٠١ هـ‍/١٢٠٤ م ومن مدائحه للمنصور قوله:


(١) الجد: الحظ.
(٢) خلته: حاجته.
(٣) ينقع حائم: يروى ظامئ.
(٤) عضدتم: أعنتم.
(٥) مياسم: جمع ميسم: علامة وأثر.
(٦) الصعدة: القناة.
(٧) انظره فى بغية الرواد ليحيى بن خلدون ١/ ١١٣ والمعجب للمراكشى ص ٢٦٤ و ٣١٢ والتكملة لابن الأبار رقم ١٠٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>