للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقصيدة جيدة وفيها يشير الشاعر إلى تطور الأحداث فى الحرب ومقتل السعيد الموحدى ويشيد بشجاعة الجيش التلمسانى وبأس فرسانه، وكان من جملة الذخائر التى استولى عليها يغمراسن من محلة الأمير الموحدى السعيد والتى بعد بها صيته وضخم ملكه كما يقول التنسى العقد اليتيم المشتمل على عشرات من خرزات الياقوت والدرر الثمينة بل على مئات كما يقول ابن خلدون فى تاريخه، وعضاد (١) الزمرد، وأنفس من ذلك وأعظم مصحف عثمان بن عفان الذى خطّه بيمينه، وكان قد صار إلى بنى أمية، ونقل إلى عبد الرحمن الداخل فى قرطبة فوقفه بجامعها وغشاه بصفائح الذهب ونظم فى مواضع منها لآلئ نفيسة وأحجار ياقوت وزمرد. وكان أبناؤه يقدمونه أمامهم فى أسفارهم قائمين بحقه إلى أن كان من نعم الله على يغمراسن أن حظى به، إن صحّ ما قاله يحيى بن خلدون وغيره من المؤرخين. ولا تلبث تلمسان أن تنجب الشاعر البارع ابن خميس كاتب أبى سعيد عثمان الأول ابن يغمراسن (٦٨١ - ٧٠٣ هـ‍) وشاعره، وسنفرد له ترجمة. وكان يعاصره ابن أبى حجلة الذى ترجمنا له فى الجزء الخاص بمصر من هذه السلسلة، وكان قد رحل فى بواكير حياته إلى الحج واستوطن مصر وولى إحدى مشيخات الصوفية وكان يزرى على أصحاب الوحدة من الصوفية، وله مدائح نبوية متعددة وكتب أدبية متنوعة، منها سكردان السلطان أى إناء السكر، وديوان الصبابة أهداهما للسلطان حسن المملوكى، مضمنا فيهما بعض مدائحه فيه من مثل قوله فى الكتاب الأخير:

مليك أسود الغاب تحذر بأسه ... لأن ملوك الأرض طرّا تحاذره

وأىّ كماة لم يرعهم نزاله ... وأى مكان ما علته منابره

ولعل حاكما من حكام الدولة الزيانية لم يمدح كما مدح أبو حمو موسى الثانى (٧٦٠ - ٧٩١ هـ‍) الذى خلّص تلمسان من حكم المرينيين واستعادها لأسرته، وكان أديبا فذّا وشاعرا ماهرا ونهضت تلمسان فى عهده نهضة علمية وأدبية عظيمة وأحاطت به كوكبة من الشعراء ألم بها وبمدائحها فيه التنسى فى كتابه: «راح الأرواح فيما قاله أبو حمو وقيل فيه من الأمداح» وسنخصه بترجمة بين شعراء الفخر، ومن مداحه وكتّابه محمد بن صالح شقرون وأبو الفضل العصامى ومحمد بن قاسم، ومن مداحه أيضا محمد بن أبى جمعة التلالسى أحد أطبائه، وفيه يقول فى قصيدة (٢):

مطاع شجاع فى الوغى ذو مهابة ... حسام على الباغين فى الأرض قد سلاّ

له راحة كالغيث ينهلّ ودقها ... وصارم نصر مرهف الحدّ لافلاّ

إمام حباه الله ملكا مؤزّرا ... فلا ملك إلا لعزّته ذلاّ

من الزّاب وافانا عزيزا مظفّرا ... يجرّ من النّصر المنوط به ذيلا


(١) العضاد: الحلية توضع فى العضد.
(٢) بغية الرواد ١/ ٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>