الشهرة فى زمنه، إذ يقال إنّ الحافظ الأندلسى الكبير قاسم بن أصبغ (٢٤٤ - ٣٤٠ هـ) حضر دروسه وأخذ عنه أحد الكتابين المذكورين آنفا أو هما معا.
وكان بكر مع تدريسه الحديث النبوى يمدح أمراء الأغالبة حكام القيروان، ويسبغون عليه بعض؟ ؟ ؟ عطائهم، ويروى أنه قصد يوما الأمير الأغلبى إبراهيم بن أحمد (٢٦١ - ٢٩٠ هـ) فى قصره حاملا إليه بعض مديحه حسب عادته، فمنعه الحاجب وقال إن الأمير مشغول الآن بجواريه، وأمر أن لا يصل إليه أحد، فكتب بكر أبياتا فى رقعة، وتلطف إلى الحاجب فى إيصالها إليه، وفيها:
خلقن الغوانى للرجال بليّة ... فهنّ موالينا ونحن عبيدها
إذا ما أردنا الورد فى غير حينه ... أتتنا به فى كل حين خدودها
وبمجرد أن قرأ الأمير الرقعة أرسل إليه بصرّة بها مائة دينار، وإنما روينا هذا الخبر لندل به على أن بكرا كان دائم الصلة بأمراء الأغالبة بمدحهم ويثيبونه على مديحه. وكان يزور تاهرت أحيانا للقاء أهله ومعارفه فيها ونراه بها فى عهد أميرها الرستمى الإباضى أبى حاتم يوسف بن محمد بن الأفلح (٢٨١ - ٢٩٤ هـ) ويبدو أنه عاتبه على مديحه للأغالبة دون حكام بلده، فقال له فى مدحه:
أبا حاتم ما كان ما كان بغضة ... ولكن أتت بعد الأمور أمور
فأكرهنى قوم خشيت عقابهم ... فداريتهم والدائرات تدور
وكان يزور بعض الأمراء الأدارسة فى المغرب الأقصى وينال جوائزهم، والمظنون أنه بأخرة من أيامه اختار المقام بتاهرت إلى أن لبي نداء ربه سنة ٢٩٦ للهجرة.
وديوان بكر بن حماد سقط من يد الزمن غير أن الأستاذ محمد بن رمضان شاوش استطاع أن يجمع طائفة كبيرة من أشعاره تتناول من أغراض الشعر العربى الهجاء والوصف والمدح والزهد مع الوعظ والاعتذار والرثاء، وذكر فى الهجاء المقطوعة السالفة فى دعبل التى يحرض فيها الخليفة المعتصم على الفتك به. ويبدو أنه لم يكن يسلم من لسانه أحد، حتى المحدّثون، إذ نراه يسلق شيخا جليلا من شيوخهم وحفاظهم هو يحيى بن معين المتوفى سنة ٢٣٣ هـ/٨٤٧ م قائلا:
لقد جفّت الأقلام بالخلق كلهم ... فمنهم شقىّ خائب وسعيد
أرى الخير فى الدنيا يقلّ كثيره ... وينقص نقصا والحديث يزيد
ولابن معين فى الرجال مقالة ... سيسأل عنها والمليك شهيد
فإن يك حقا قوله فهو غيبة ... وإن يك زورا فالقصاص شديد
وكل شياطين العباد ضعيفة ... وشيطان أصحاب الحديث مريد