للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منهما نصيب، ومنها صفر كأنما خضبت بالزعفران وإلا بقشر من ماء العقيق، ومنها شهب يختلط فيها بياض الشعر بسواده، وكأنما استعيرت ظهورها من لجّ الليل وظلمته الشديدة السواد أما أوجهها فمضيئة ضياء الأقمار الساطعة، وتمشى مزهوّة مشية خيلاء متعالية، ويقول فى الفيل الذى كان مصاحبا للهدية (١):

وأضخم هندىّ النّجار تعدّه ... ملوك بنى ساسان إن رابها أمر

يجئ كطود جائل فوق أربع ... مضبّرة لمّت كما لمّت الصّخر (٢)

له فخذان كالكثيبين لبّدا ... وصدر كما أوفى من الهضبة الصّدر

ووجه به أنف كراووق خمرة ... ينال به ما تدرك الأنمل العشر (٣)

والنهشلى يقول عن الفيل إنه ضخم هندى الأصل، كانت تعده ملوك الفرس حين يربيها أمر. ويشبهه بجبل يتحرّك فوق أربع مكتنزة اللحم والعظم تضامّت أجزاؤها تضامّ أجزاء الصخر، وله فخذان كأنهما كثيبان متراكمان وصدر عريض متسع، ووجه به أنف طويل طول عنق إبريق الخمر ينال به ما يناله الإنسان بأنامله العشرة. ونلتقى فى بلاط بنى حماد ببجاية بالطبيب ابن أبى المليح شاعر الأمير العزيز الحمادى (٤٩٨ - ٥١٥ هـ‍) وله يصف خيوله وموكبه فى قصيدة عيديّة منشدا (٤):

وجالت به جرد المذاكى كأنّها ... عذارى ولكن نطقهنّ تحمحم

بصفراء كالتّبر العتيق صقيلة ... ودهماء يتلوها كميت وأدهم

وأشقر لو يجرى وللبرق جهده ... لكان له يوم الرّهان التقدّم

وجاء لواء النّصر يتبع راية ... بها العزّ معقود عليها متمّم

وهو يقول: جالت بالأمير خيل كريمة مدربة كأنها لم تركب لأول مرة: صفراء كالتبر ودهماء كالليل يتلوها كميت وأسود وأشقر، ولو أن الأشقر سابق البرق لسبقه، وجاء موكب الأمير تقدمه راية العز والنصر.

وإذا اتجهنا إلى تلمسان التقينا بشاعرها فى القرن السابع الهجرى ابن خميس، وكان قد بارحها إلى الأندلس، وله قصيدة بديعة يتشوق فيها لرؤية مشاهدها ومتنزهاتها فى مثل قوله (٥):


(١) الأنموذج ص ٧٥.
(٢) مضبّرة: مكتنزة اللحم.
(٣) الراووق: إبريق الخمر.
(٤) الخريدة ١/ ١٨٤.
(٥) الديوان: النسخة المصورة ص ٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>