طنجة، وفتح مدينة فاس الفتح الثانى سنة ٤٦٢ هـ/١٠٦٩ م وعاد إليها فى السنة التالية فافتتحها عنوة وافتتح حصون نهر ملوية، وأخذ كثير من البلدان يفتح له أبوابه دون حرب، وفى سنة ٤٦٧ هـ/١٠٧٤ م فرّق عماله على بلاد المغرب وفى سنة ٤٧٠ هـ/١٠٧٧ م استولى على طنجة، وفى سنة ٤٧٢ أرسل قائده مزدلى إلى تلمسان فاستولى عليها، وفى سنة ٤٧٣ هـ/١٠٨٠ م ضرب السكة أو العملة باسمه، وفى السنة التالية فتح مدينة وجدة وتنس ووهران ومدينة الجزائر وجميع أعمال نهر شلف، وبذلك ضم إلى المغرب الأقصى الشطر الغربى من الجزائر، وفى سنة ٤٧٧ هـ/١٠٨٤ م فتح مدينة سبتة. وبذلك وحدّ المغرب الأقصى جميعه جنوبا حتى الصحراء الكبرى وغربا حتى المحيط وشمالا حتى البحر المتوسط، ولم يكفه الاستيلاء على حدوده الشرقية غربى نهر الملوية حتى مدينة وجدة، فقد مدّه شرقا واستولى على شطر كبير من الجزائر كما أسلفنا. وكان واسع الأفق مؤمنا بأن العالم الإسلامى ينبغى أن يتوحّد تحت راية واحدة هى راية الخليفة العباسى ببغداد ولذلك كتب إليه معلنا دخوله فى طاعته، وكتب إليه الخليفة مرحبا ومباركا له فى مملكته، واكتفى يوسف بأن لقب نفسه بلقب أمير المسلمين. ومما يدل على حسن إدارته وسياسته أنه كان يختار الولاة على ولايات مملكته الواسعة من خيرة رجال قبيلته الصنهاجية المعروفين بالأمانة والعدالة والنزاهة، وضمّ إلى كل وال فقيها أو أكثر ليكون مستشاره فى أحكامه بحيث تتمشى مع الشريعة الإسلامية، ورفع عن كاهل الرعية المكوس والمغارم التى كان يتقاضاها منهم حكامهم السابقون.
وكانت الأندلس-فى القرن الخامس الهجرى-قد أصبحت أندلسات وإمارات متعددة وأخذت تتنافس وتتحارب فى هذا العهد الذى سمى عهد أمراء الطوائف، ونشط أعداؤهم النصارى الإسبان فى الشمال للانقضاض عليهم، وأخذوا يؤدون إليهم-قهرا-إتاوات ومغارم شتى، وخاصة لألفونس السادس ملك ليون وقشتالة، واستطاع سنة ٤٧٨ هـ/١٠٨٥ م أن يلتقم طليطلة أكبر إماراتهم دون حرب، مع مساعدة أميرها القادر بن ذى النون على أخذ بلنسية. وشعر المعتمد أمير إشبيلية والمتوكل أمير بطليوس بهذا الخطر الداهم وكذلك غيرهما من الأمراء، فاستصرخوا البطل المغوار يوسف بن تاشفين أن ينجدهم ضد ألفونس السادس قبل أن يبتلعهم كما ابتلع طليطلة، وأرسلوا إليه-مستغيثين-نفرا من قضاة المدن الكبرى، فأطلعوه على جلية الأمر، فثارت حميته للإسلام والمسلمين فى الأندلس، كما ثارت حمية قومه المرابطين المجاهدين الذين نذروا أنفسهم للجهاد فى سبيل الله ودينه الحنيف، وأعد سريعا جيشا جرارا لمنازلة نصارى إسبانيا وأعد له أسطولا ضخما عبر الزقاق سنة ٤٧٩ هـ/١٠٨٦ م وأخلى له المعتمد صاحب إشبيلية مدينة الجزيرة الخضراء لتكون رباطا لجيشه، واتجه لحرب عدو الله فى طليطلة وانضم إليه المعتمد والمتوكل أمير بطليوس وعبد الله بن بلقين أمير غرناطة بجيوشهم، وعلم ألفونس بمقدمه وأنه منازله فاستغاث بملوك النصارى فى إسبانيا وفرنسا