من بنى مرين وأحرز نصرا مجيدا على نونيو جونذالث دى لارا nuno gonzsalez de lara جنوبى قرطبة فى ربيع الثانى سنة ٦٨٥ هـ/سبتمبر سنة ١٢٨٦ م. وتوفى بأوبته فى الجزيرة الخضراء. وكل ما استولى عليه من الحصون والبلاد كان يتركه لبنى الأحمر أصحاب غرناطة، فهو لم يجاهد لغنيمة إنما كان يجاهد لنصرة المسلمين ضد أعداء الإسلام نصارى الإسبان، وظل ذلك مبدأ ثابتا لحكام بنى مرين فى جهادهم لأولئك النصارى، فهم لا يبغون بجهادهم غنما. إنما يبغون الدفاع عن الإسلام ضد خصومه إرضاء لله ورسوله. وتلك منة ليعقوب وخلفائه المرينيين.
وخلف يعقوب-بعهد منه-ابنه يوسف، وسار سيرته فى الجهاد فعبر الزقاق إلى الأندلس مرارا، كما سار سيرته فى العدل الذى لا تصلح حياة الشعوب بدونه، ونازل عثمان سلطان تلمسان مرارا، وفى سنة ٦٩٨ هـ/١٢٩٩ م حاصرها وظل محاصرا لها ثمانى سنوات، وفى سنة ٧٠٠ هـ/١٣٠١ م أسس أمامها مدينة المنصورة لمعسكره، وشاد بها قصره وبنى بجواره جامعا عظيما ومنارة على رأسها تفاحات من ذهب، وبنى الناس حول قصره المنازل والقصور، وغرسوا البساتين وأجروا المياه وأداروا على المدينة سورا، وبنيت بها حمامات وفنادق ومارستان، حتى إذا عادت لبنى عبد الواد هدموها وخربوها وطمسوا معالمها، وتوفى عثمان بن يغمراسن سنة ٧٠٣ هـ/١٣٠٤ م حزنا وكمدا، وتوفى ابنه أبو زيان مثله كمدا سنة ٧٠٧ هـ/١٣٠٨ م. ولم يلبث أن توفى يوسف بن يعقوب، ففك المرينيون الحصار عن تلمسان، ولا بد أن نذكر أن المرينيين حين حاصروا تلمسان استولوا على كل ما كان بيدها من مدن فى المغرب الأوسط بل ربما أضافوا إليها مدنا جديدة، فقد استولوا على وجدة ووهران ومستغانم وتنس ومليانة وشرشال والمدية وبجاية. وبعد يوسف رغب فى الاستيلاء على صولجان الحكم أخوه أبو يحيى وابنه أبو سالم وحفيده أبو ثابت عامر، وأرسل عامر إلى بنى عبد الواد أن يؤيدوه نظير رد ممالكهم عليهم فى المغرب الأوسط فأيدوه، وتم له الأمر، ووفى لهم بالعهد، وخلفه عثمان بن يعقوب فأغار على تلمسان سنة ٧١٤ هـ/١٣١٥ م.
وتوفى عثمان سنة ٧٣١ هـ/١٣٣١ م وخلفه ابنه أبو الحسن على، ويفكر فى الاستيلاء على تلمسان ويستولى على ندرومة ويحاصر وجدة سنة ٧٣٥ هـ/١٣٣٥ م ويستولى على وهران وتنس ومدينة الجزائر ومليانة سنة ٧٣٦ هـ/١٣٣٦ م ويحاصر تلمسان، ويعيد بناء المنصورة لسكناه وسكنى جيوشه. ويفتح تلمسان سنة ٧٣٧ ويأخذ بنى عبد الواد وأهلها بالرفق ويأخذ فى الاستيلاء على مدن الجزائر، ويدخل بجاية ويضع عن أهلها ربع المغرم وتذعن قسنطينة لطاعته، ويقدم إلى تونس ومعه حشد من العلماء الأجلاء اجتمعوا له من المغرب الأقصى والمدن التى نزلها، وظل بها من سنة ٧٤٨ هـ/١٣٤٨ م إلى سنة ٧٥٠ هـ/١٣٥٠ م. وفى شهر محرم سنة ٧٤٩ للهجرة هزم العرب أبا الحسن على القيروان هزيمة شديدة وربما كان من أسبابها