وخاصة السوس وهسكورة، وكان يصنع الصابون فى بلدان متعددة وخاصة فى منطقة الريف، وفى أماكن مختلفة وخاصة فى منطقة الهبط خشب البقص فى جبل بنى واغرافت وتصنع منه الأمشاط فى فاس وسلا. وفى بعض المناطق تكثر أشجار التوت لتغذية دود القز، كما فى مكناس وأزغار بمنطقة الحوز، ويجمع منه الحرير. وفى منطقة الريف يشيع تمليح السردين إعدادا لبيعه، كما يشيع فيها وفى المغرب قطع الأشجار الضخمة وإعدادها للتصدير أعمدة وألواحا، وبجانب ذلك يشيع صنع القوارب والطّرادات فى هذه المنطقة ومنطقتى الهبط وأزغار وكان لهما فى ميناء بادس دار صناعة. وفى كل مدينة نجد الإسكافيين أو الحذائين والدباغين والسراجين.
وفى مدن كثيرة تنسج الملابس، ينسجها عادة النساء، وحيث تكثر زراعة القطن تكثر الأقمشة القطنية كما فى أزغار وتامسنة وسلا، وحيث تكثر الأغنام والمعز يكثر الصوف كما فى منطقة السوس، وتشتهر بنسيج نوع ناعم من الصوف كالجوخ وبالأقمشة الصوفية. وأيضا حيث تكثر زراعة الكتان تكثر الأقمشة الكتانية كما فى السوس أيضا، وبالمثل تجنى منطقة الحوز من الكتان كمية كبيرة، ولذلك يحيك السكان-وخاصة فى جبل مغسّة الأقمشة الكتانية، ويحصلون من أغنامهم فى جبل بنى يازغة على صوف شديد النعومة تصنع منه نساؤهم أقمشة كالحرير، وبمدينتى تفزة وأفزة من منطقة تادلة أغنام مماثلة، ونساؤهما ماهرات- كما يقول الوزان-فى شغل الصوف، ويصنعن منه برانس وخمارات جميلة جدا، وبذلك يربحن من المال أكثر من رجالهن إلى حد ما. وبالمثل بمنطقة هسكورة كمية كبيرة من الأغنام وتصنع من صوفها أقمشة جميلة جدا. ولكى نتصور مدى نشاط صناعة النسيج فى المغرب الأقصى أسوق ما ذكره الحسن الوزان عنها فى فاس، فقد ذكر أن بها مائة وعشرين مؤسسة للنساجين وهذه المؤسسات أو المصانع أبنية كبيرة كل منها مؤلف من عدة أدوار مع قاعات فسيحة كقاعات القصور، وتحوى كل قاعة عددا كبيرا من عمال نسج الكتان والقنّب. وتلك هى الصناعة الرئيسية فى فاس ويقال إنها تكفل العمل لعشرين ألف عامل. . ومن جهة أخرى كان يوجد مائة وخمسون مصنعا لقصّارى (مبيّضى) الخيوط، ويقوم معظمها قرب النهر لبلّ الخيوط ودقّها. وتتجهز هذه المصانع بالكثير من المراجل والخوابى المبنية لغلى الخيوط ولحاجات مهنية أخرى. والقنب هو الذى يتخذ منه الجبال. ولا بد أن كانت هناك مصانع أخرى لنسج الأقمشة القطنية والصوفية والحريرية إلا إذا كانت تضمنتها المصانع السابقة.
ومنذ القرن الثانى الهجرى تبنى فى المغرب الأقصى المنشآت العمرانية التى لا تقتصر على بناء مفرد، أو أبنية محدودة، بل تتجاوز ذلك إلى بناء مدن بمساجدها وقصورها وحماماتها وفنادقها ومارستاناتها وأسواقها، فقد بنى إدريس الثانى مدينة فاس أو بعبارة أدق ابتدأ بناءها