قيمة الأستاذ رضوان بنشقرون رادّا كثيرا من مسائله إلى كتب المشارقة البلاغية والعمدة لابن رشق.
وعلى ضوء هذا الكتاب وإخضاع علم البديع فيه للمنطق مع إدخال بعض المسائل اللغوية على المصطلحات البديعية ألف معاصر لابن البناء هو أبو محمد القاسم السجلماسى كتابه: «المنزع البديع فى تجنيس أساليب البديع (١) وكلمة البديع عنده-كما عند ابن البناء وابن أبى الإصبع وابن المعتز-تشمل كل صور البيان وألوان البديع ومحسنات المعانى ووجوهها البلاغية المختلفة، وواضح من اسم الكتاب أنه أراد أن يجارى ابن البناء فى وضع جنس كلى لكل مجموعة من قواعد البديع الجزئية الكثيرة، ورأى أن يخالفه فى الأجناس التى جعلها كليات وعنوانا للفصول السبعة فى البايين الثانى والثالث فى كتابه، وهى عنده عشرة هى: الإيجاز- التخييل-الإشارة-المبالغة-الرصف-المظاهرة-التوضيح-الاتساع-الانثناء-التكرير. وهو يلتقى مع ابن البناء فى الإيجاز ويدخل فيه الحذف اللغوى مثله، غير أن ابن البناء يستنبط منه أربع صيغ بلاغية بينما يستنبط السجلماسى أكثر من عشر صيغ بلاغية، وتقسّم فى أثناء ذلك الصيغ تقسيمات كثيرة، إذ ينقسم الجنس إلى فروع والفرع ينقسم إلى فريعات أو غصون، والغصون تنقسم إلى غصينات دون أن تميّز هذه الأقسام المتولدة والمتنوعة بأسماء تعيّنها، فمثلا عنده المفاضلة ويعنى بها النقص عن المضمون فى الكلم: نوع من الإيجاز، وهى نوعان وكأنها جنس متوسط، والنوع الأول من نوعيها الاختزال، والاختزال بدوره نوعان: اصطلام أى قطع وبتر، وحذف وهو بدوره نوعان: إطلاق وانتهاك، والانتهاك أنواع. وهى صعوبة واضحة فى الكتاب، غير أن فيه ذكاء بارعا وقدرة منطقية إلى أقصى حد ممكن. ونترك جنس الإيجاز إلى جنس التخييل وما يتصل به من التشبيه والاستعارة والمجاز وهو يقابل عنده الفصل الأول من الباب الثانى عند ابن البناء الخاص بكلية التشبيه، والتعبير بالتخييل أدق غير أنه لم يضع فيه الكناية، إذ عقد لها الجنس الثالث فى كتابه، ولكن لا باسمها وإنما باسم الإشارة، والبلاغيون قبله يدخلون فى أنواعها كل ما سماه من أنواعها وفروعها ما عدا حذف الحروف من الكلمة المذكور فى آخر جنسها أو حذف بعض الجمل ويسمونه باسم الاكتفاء. والجنس الرابع عنده المبالغة، وأحسن حين جعل لها جنسا خاصا وقد بدأها بالصيغ اللغوية المستعملة فى المبالغة مثل حسّان-طوال-رحمن-شرّير غير أنه استكثر من أنواعها حتى بلغت نحو المائة واستغرقت اللغة-فيما بعد صفحات كثيرة كما فى ٣٠٦ إلى ٣٠٨ وأيضا فإنه أدخل فيها كثيرا من صيغ المجاز المرسل كتسمية السبب باسم المسبب وعكسه وتسمية الشئ بأولاه وبعقباه. والجنس الخامس الرصف ويعنى به نسق الكلام وترتيبه، ويدخل فيه التسهيم،
(١) حقق هذا الكتاب ونشره الأستاذ علال الغازى فى مكتبة المعارف بالرباط.