عيسى بن عمران حتى وفاته سنة ٦٢١ هـ/١٢٢٤ م وتقلد المنصب بعده الفقيه على بن محمد بن أبى عشرة، ونفس منصبهم يؤذن بأنهم كانوا جميعا ظاهرية. ويختم فقهاء الظاهرية فى عهد الموحدين بأبى الحسن بن القطان المار ذكره بين المحدثين، ولا نستدل على ذلك فقط بما ذكره ابن عبد الملك المراكشى فى ترجمته من أنه كان معظما عند الخاصة والعامة من آل دولة بنى عبد المؤمن وأنه حظى كثيرا عند المنصور فابنه الناصر فالمستنصر بن الناصر فعبد الواحد أخى المنصور فالمعتصم بن الناصر، بل نستدل بما هو أهم. فإن من ترجموا له ذكروا أنه رأس طلبة العلم بمراكش ونال بخدمة السلطان دنيا عريضة وما ذلك، إلا لأنه سخّر نفسه للدعوة بل ليصبح شيخ طلبتها، وكانوا يطلقون اسم الطلبة على دعاتهم. وكان لا يزال يقرأ لهم كتب ابن تومرت ويفسر لهم ما فيها من مبادئ الدعوة. وأيضا مما يؤكد ظاهريته وانتصاره للمذهب الظاهرى ما ذكر من أن أبا على بن الطوير المراكشى عمر بن محمد الصنهاجى معاصره الفقيه المالكى ألف كتابا فى إثبات القياس الذى ينكره الظاهرية على المذاهب الفقهية الأربعة المشهورة: مذهب مالك وأبى حنيفة والشافعى وابن حنبل، فردّ عليه باسم الظاهرية منكرا القياس بكتاب سماه المنزع فى القياس لمناضلة من سلك غير المهيع (الطريق الواضح السديد) فى إثبات القياس.
وانتهى عصر الموحدين وبدأ عصر المرينيين وفيه توقّف فى القضاء العمل بالمذهب الظاهرى وعاد للمذهب المالكى سلطانه كاملا فى القضاء والفقه، ومن فقهائه حينئذ محمد بن إبراهيم الغسانى التاجر بمدينة آسفى المتوفى سنة ٦٦٣ هـ/١٢٦٥ م كان بعد الفراغ من مجلس تدريسه الموطأ والسّير والنحو يقعد فى حانوته لإدارته وكسب عيشه. ومنهم أبو الحسن الصّغيّر الزرويلى على بن عبد الحق المتوفى سنة ٧١٩ هـ/١٣٢٠ م القاضى بتازه ثم بفاس وله تقييد على المدونة. ومنهم تلميذه الشطى محمد بن على بن سليمان المتوفى غريقا فى أسطول أبى الحسن المرينى سنة ٧٤٩ هـ/١٣٤٩ م وكانت له حظوة عنده وكان يقرأ عليه. ومنهم تلميذه القباب أحمد بن قاسم المتوفى سنة ٧٧٩ هـ/١٣٧٨ م قال فيه ابن الخطيب فى الإحاطة: «صدر من صدور عدول الحضرة الفاسية، فقيه نبيل مدرك جيد النظر شديد الفهم، وله شرح مسائل الفقيه ابن جماعة المصرى فى البيوع ويقول ابن فرحون فى الديباج إنه شرح مفيد، وله أيضا شرح قواعد الإسلام للقاضى عياض، وفتاوى مجموعة نقل عنها الونشريسى فى كتابه المعيار. ومنهم محمد بن الفتوح المتوفى سنة ٨١٨ هـ/١٤١٥ م وهو الذى أدخل مختصر خليل بن إسحاق إلى المغرب الأقصى. ومنهم محمد بن أحمد بن غازى المتوفى سنة ٩١٧ هـ/١٥١١ م وله شفاء الغليل فى حل مقفل خليل، بيّن فيه-كما يقول الأستاذ كنون-هفوات بهرام، والمواضع المشكلة فى مختصر خليل، وله أيضا تكميل التقييد أكمل به تقييد أبى الحسن الصغير على المدونة.