سنة ٦٢١ هـ/١٢٢٤ م وهو يعرض فيه تاريخ الأندلس ودولة المرابطين، ويفصّل القول فى دولة الموحدين بقلم مؤرخ حصيف محايد دون المبالغة التى نلمسها عند البيذق وابن صاحب الصلاة.
وما نلبث أن نلتقى بالمؤرخ الرسمى الثالث لدولة الموحدين وهو أبو محمد حسن بن أبى الحسن على بن القطان المتوفى حوالى منتصف القرن السابع الهجرى وكان من رجال الدولة، ومر بنا ذكر أبيه أبى الحسن بين المحدثين وبين دعاة الموحدين إذ كان من كبار دعاتهم. وأكبر الظن أن ابنه كان مثله من دعاتهم كما سيتضح عما قليل فقد صنف كتابا باسم نظم الجمان لترتيب ما سلف من أخبار الزمان، وسقط الكتاب من يد الزمن إلا قطعة من سنة ٥٠٠ هـ/١١٠٦ م إلى سنة ٥٣٣ هـ/١١٣٨ م وحققها تحقيقا سديدا مع مقدمة قيمة الدكتور محمود مكى وقد كان متحاملا على دولة المرابطين تحاملا شديدا حتى جعل حكامها مجسمين للذات العلية وكفارا مع ما لهم من خدمات عظيمة للإسلام وانتصارات كبرى على النصارى فى الأندلس، ولكنه التعصب البغيض. وعرض فى كتابه ترجمة ضافية لابن تومرت أشاد فيها به وبدعوته، حتى ليرفع نسبه إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم ويطيل الحديث عن أنه معصوم وعن كرامات عبد المؤمن، ويذكر أن ابن تومرت فرض على أصحابه أن يقرءوا بعد صلاة الصبح كل يوم حزبا من القرآن الكريم، وحزبا له ضمنه حديثا عن القدر والإيمان وأنه الإمام المهدى الواجب اتباعه وكفّر من لم يطعه ولم يصلّ عليه هكذا يقول أبو محمد بن القطان.
والترجمة دعاية سافرة لابن تومرت ودعوته، ولا بد أن بقية الكتاب المفقودة كانت على هذه الشاكلة من المبالغة المفرطة فى الدعاية للموحدين. ونضم إلى هذه الكتب التاريخية كتاب البيان المغرب لابن عذارى المراكشى، وهو تاريخ للمغرب والأندلس منذ الفتح إلى آخر أيام الموحدين. وهو أهم مصدر تاريخى لهما، ونشرت منه أولا أجزاء متفرقة، وأمكن أخيرا نشر أربعة أجزاء منه فى بيروت. ونشر القسم الخاص منه بالمرابطين والموحدين فى طبعة جديدة بدار الغرب الإسلامى فى بيروت وهو أوسع وأدق مصدر للدولتين. ونضم أيضا إلى الكتب السالفة كتاب الحلل الموشية فى ذكر الأخبار المراكشية لمؤلف مجهول طبع الدار البيضاء وهو عن دولتى المرابطين والموحدين. ومن كتب التراجم فى هذا العصر كتاب المستفاد فى مناقب العباد بمدينة فاس وما يليها من البلاد لمحمد بن قاسم بن عبد الكريم وله أيضا بستان العابدين وريحان العارفين فى ذكر أهل الصفوة والانقطاع إلى الله بالخلوة. ومنها التشوف إلى رجال التصوف لابن الزيات يوسف بن يحيى التادلى المتوفى سنة ٦٢٨ هـ/١٢٣٠ م ولابن المواق المار ذكره بين المحدثين شيوخ الدار قطنى، ولأحمد بن يوسف ابن فرتون الفاسى المتوفى سنة ٦٦٠ هـ/١٢٦٢ م ذيل كتاب الصلة لابن بشكوال وهو مصدر أساسى لابن الزبير فى كتابه