للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأثبتم قول من لفظه ... هو الشّرع والحق منه يقوم

فلا زلتم لكمال الهدى ... وإحياء دارس درس العلوم

وهو يشير إلى ما كان قد أمر به يعقوب الفقهاء فى أيامه من جمع الأحاديث الصحيحة من مصنفات عشرة، هى كتب الصحاح ما عدا ابن ماجة والموطأ وسنن البزار ومسند ابن أبى شيبة وسنن الدار قطنى وسنن البيهقى، فجمعوها له فكان يمليها بنفسه على الطلبة ويجعل لمن حفظها مكافأة سنية.

ونمضى إلى عصر المرينيين وأول شاعر كبير نلتقى به فى عهدهم مالك بن المرحّل، وهو شاعر أهم سلاطينها فى أوائل عهدها يعقوب بن عبد الحق (٦٥٧ هـ‍/١٢٥٩ م- ٦٨٥ هـ‍/١٢٨٧ م) وله يهنئه بافتتاحه مدينة مراكش (١) سنة ٦٦٨ هـ‍/١٢٧٠ م:

فتح تبسّمت الأكوان عنه فما ... رأيت أملح منه مبسما وفما

فتح كما فتح البستان زهرته ... ورجّع الطير فى أفنانه نغما

فتح كما انشقّ صبح فى قميص دجى ... وطرّف البرق فى أردانه علما

أضحت له جنّة الرّضوان قد فتحت ... أبوابها وفؤاد الدّين قد نعما

الحمد لله هذا ما وعدت به ... يا خير من ولى الدّنيا ومن حكما

لن يخلف الله وعدا كان واعده ... فاشكر يضاعف لك الحظّ الذى قسما

سبحان من بجميع الفضل أفرده ... ومن حباه السّجايا الغرّ والشّيما

وهو يمجد فتح يعقوب المرينى لمراكش مدينة المغرب الأقصى الكبرى أعظم تمجيد، فقد ابتسمت لفتحه الأكوان، كما يتفتح البستان المونق عن زهراته، والطير تصدح مبتهجة على أغصانه وكأنما فتحت له أبواب الفردوس، ونعم فؤاد الدّين بهذا النعيم العظيم. والشاعر يحمد الله أن تحقق ليعقوب كل مأموله من ربه، مما لا يسعه معه إلا مضاعفة الشكر، والله جلّ فى علاه جدير بكل حمد إذ أفرده بكل فضل وحباه بكل سجية وشيمة شريفة. ويعقوب من سلاطين المسلمين الذين يستحقون هذا الثناء لا بفتحه مراكش، ولكن لأنه رصد نفسه وجيشه المغربى لجهاد نصارى الإسبان، وقد جاز لهم بجيشه الزقاق أربع مرات: سنة أربع وستين وسبع وسبعين وإحدى وثمانين وأربع وثمانين قبل وفاته بعام واحد، وفى كل مرة كان يسحقهم سحقا، وبذلك أعز الإسلام والمسلمين فى غرناطة والعدوة الأندلسية، وكان كل ما يغنمه يقدّمه لسلاطينها من بنى الأحمر بنفس راضية. وكان يسمى بالسلطان المجاهد والملك العابد لربه. وللقاضى أبى عبد الله القشتالى يستمنح (٢) أبا عنان (٧٤٩ - ٧٥٩ هـ‍):


(١) انظر النبوغ المغربى ٣/ ٢١٢.
(٢) النبوغ المغربى ٣/ ٢٢٠

<<  <  ج: ص:  >  >>