للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمر بن عمر السلمى، وسنخص كلا منهما بترجمة. ومن شعراء العصر ابن عبدون المكناسى المتوفى سنة ٦٥٨ للهجرة، ومن غزلياته قوله (١):

يا جيرتى ومن استجرت بهم ... من جور عزّهم على ذلّى

عوّضتمونى بالوداد قلّى ... وأبدلتم الإنصاف بالمطل (٢)

ما هكذا فعل الكرام بمن ... منهم تعوّد أجمل الفعل

علّقت حبل محبّتى بكم ... بحياتكم لا تقطعوا حبلى

ما كان أندى ظلّ عيشتنا ... إذ كان منتظما بكم شملى

عودوا إلى عادات وصلكم ... لا تحرمونى لذّة الوصل

وإذا أبيتم غير جوركم ... فالجور منكم غاية العدل

إن شئتم قتلى فها أنا ذا ... لا تحذروا من طالب ذحلى (٣)

وهو يقول إنه يستجير من جور صاحبته وشعورها بالعزة على ذلّه وهوانه فقد أبدلته بالمودة بغضا وبإنصاف اللقاء ونعيمه مطلا، وليس ذلك بفعل الكرام ومن عوّدته أجمل الفعل ويذكر أنه علّق محبته بها أو بهم-كما يقول-فلا تقطعوا حبلى، وما كان أجمل عيشتنا حين كنا ننتظم معكم فى جماعة واحدة. ويضرع إليها-أو إليهم-أن لا يحرموه لذة الوصل، وحاشاكم أن تعقبوا الإخصاب والود بالجدب والبغض. وحتى إذا أبوا غير ظلمه فإنه يعده غاية العدل، وإن أرادوا قتله فليقتلوه غير حذرين فليس وراءه من يطلب ثأره. ونلتقى فى أوائل العصر المرينى بالشاعر الفذ مالك بن المرحل المتوفى سنة ٦٩٩ للهجرة، ومرّ بنا أن الأستاذ هلال ناجى نشر له فى المجلد الثالث من مجلة المورد ببغداد رسالتين فى عروض الدوبيت أو الرباعيات، عنى فى أولاهما بوزنه على فعلن متفاعلن فعولن فعلن، وفى ثانيتهما بوزنه الثانى فعلن فعلن مستفعلن مستفعلن، وأنشد له الأستاذ عبد الله كنون فى عروض الوزن الأول للدوبيت مجزوءا غزلية يقول فيها (٤):

يا عاذلتى إليك عنى ... لا تقرب ساحتى العواذل

مهلا فدمى له حلال ... ما أقبل فيه قول قائل

قد نمّ به شذا الغوالى ... إذ هبّ ونمّت الغلائل (٥)

والسّحر رسول مقلتيه ... ما أقرب عهده ببابل

والروض يعير وجنتيه ... وردّا كهواى غير حائل

يسبيك برقّة الحواشى ... عشقا ولطافة الشمائل


(١) الوافى ١/ ٣٣٢ والنبوغ المغربى ٣/ ٦٨.
(٢) قلى: بغضا.
(٣) ذحل: ثأر.
(٤) النبوغ المغربى ٣/ ٦٩
(٥) الغوالى جمع غالية: الطيب. الغلائل: الثياب.

<<  <  ج: ص:  >  >>