للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس ذخرى غير مدح أحمد ... سيّد أهل الأرض طرّا والسّما

وأصبح الدين القويم قيّما ... سما على الأديان طرّا وعلا

وكم له من آية بيّنة ... ومعجزات مثل إشراق الضحى

ويغلب على المقصورة السرد مما يفقدها فى كثير من جوانبها الجمال الشعرى. وكما مدح الرسول فى العصر المرينى بالمدائح الشعرية مدح بالموشحات، ومن أطرفها موشحة ابن سعيد المكناسى المذكورة فى الحديث عن الموشحات ص ٣٨٣.

وتعنى الدولة السعدية باحتفالات المولد النبوى وخاصة حاكمها المنصور الذهبى، وتكثر فيها المدائح النبوية المسماة بالميلاديات، وعادة يستطرد الشاعر فيها إلى مديح الحاكم، ويقول المقرى فى كتابه: «روضة الآس»: «ما قيل فى الموالد النبوية التى احتفل لها هذا الخليفة المنصور لا يمكن حصره» ثم يذكر أنه كانت تصنع شموع أعظم من الأسطوانات يطاف بها فى فاس، حتى إذا وصلوا إلى قصر الخليفة أدخلوها فى ساحة كبيرة متخذين لها آلات عظيمة من النحاس المحكم الصنعة فتوضع فوقها وترى صاعدة فى السماء كالمنارة، ويحشر الناس إلى ذلك، ويدعى المنشدون للأشعار وتنثر عليهم الفضة، ويأمر لكل شخص منهم بكسوة وجوائز قد تبلغ الآلاف (١). ويضيف عبد العزيز الفشتالى فى كتابه مناهل الصفا إضافات كثيرة فى هذا الاحتفال الذى كان أشبه بعيد ضخم يمتد طوال الليل، وكان المنصور يبدأ الاحتفال الرسمى به بعد صلاة الفجر وقد اصطفت جذوع الشموع أمام قبة قصره منافسة للنخيل والمآذن فى الضخامة مختلفة الألوان من بيض لؤلؤية وحمر أرجوانية وخضر سندسية، ويغصّ السرادق المنصوب للناس بالشرفاء والقضاة والفقهاء والكتاب والشعراء والقراء وبعد فراغ الواعظ من فضائل الرسول صلّى الله عليه وسلم وسرد معجزاته يقدّم أهل الذكر والإنشاد، ثم تتعالى الأصوات بمدائح الرسول المسماة بالمولديات أو الميلاديات نسبة إلى مولده أو ميلاده الشريف، ثم يتبعهم أهل الذكر بالرقيق من كلام الشيخ الصوفى الأندلسى أبى الحسن الششترى، ثم ينشد الشعر. والمتبع فى الإنشاد أن يقف بإزاء الشاعر مسمع ينيبه الشاعر عنه فى إنشاد قصيدته، ويعود الشاعر إلى مكانه. ويذكر الفشتالى الوليمة المهيأة للعيد، ويقول بعد أيامها توزع صلات الشعراء وعليها توقيعات الخليفة المنصور. ويسوق عبد العزيز الفشتالى بعض ما كان ينشد فى هذا العيد لعهد هذا الخليفة (٢). وبكتاب روضة الآس للمقرى نحو عشرين ميلادية لشعراء مختلفين أنشدت فى هذا العيد أيام المنصور منها خمس لعبد العزيز الفشتالى شاعره وكاتبه،


(١) روضة الآس ص ١٣.
(٢) انظر مناهل الصفا تحقيق الأستاذ كنون ص ٢٢١ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>