للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورثوا السيادة كابرا عن كابر ... إن الكرام هم بنو الأخيار

وحسن إسلام كعب، وأخذ يصدر فى شعره عن مواعظ وحكم يستهدى فيها الذكر الحكيم، من مثل قوله:

لو كنت أعجب من شيء لأعجبنى ... سعى الفتى وهو مخبوء له القدر

يسعى الفتى لأمور ليس يدركها ... والنفس واحدة والهمّ منتشر

والمرء ما عاش ممدود له أمل ... لا تنتهى العين حتى ينتهى الأثر

ونراه يردد كثيرا أن الله يرزق عباده، وأنه لا يتركهم بدون رزق فهو راعيهم الذى يفضل عليهم. وهو الغنى الحميد، يقول:

أعلم أنى متى ما يأتنى قدرى ... فليس يحبسه شحّ ولا شفق (١)

والمرء والمال ينمى ثم يذهبه ... مرّ الدهور ويفنيه فينسحق

فلا تخافى علينا الفقر وانتظرى ... فضل الذى بالغنى من عنده نثق

إن يفن ما عندنا فالله يرزقنا ... ومن سوانا ولسنا نحن نرتزق

وهو فى ذلك يقرب من زهاد المسلمين الذين كانوا يكرهون أن يفكر الشخص منهم فى رزق غد، بل كان منهم من يرى أن ذلك خطيئة لا تغتفر.

وله قصيدة لامية يظهر أنه نظمها فى الجاهلية لما يذكر فيها من شربه الخمر مع من يصطفيه. ويظهر أنه عاد فأدخل فيها بعد إسلامه هذه الأبيات:

فأقسمت بالرحمن لا شئ غيره ... يمين امرئ برّ ولا أتحلّل (٢)

لأستشعرن أعلى دريسىّ مسلما ... لوجه الذى يحيى الأنام ويقتل (٣)

هو الحافظ الوسنان بالليل ميّتا ... على أنه حىّ من النوم مثقل (٤)

من الأسود السارى وإن كان ثائرا ... على حدّ نابيه السّمام المثمّل (٥)


(١) شفق: خوف.
(٢) لا أتحلل: لا أستثنى.
(٣) الدريس: الثوب البالى. كنى بذلك عن حسن إسلامه وتوكله على الله الذى يحيى ويميت.
(٤) الوسنان: النائم.
(٥) الأسود: الأفعى. السارى: الذى يسير ليلا. الثائر: الطالب بثأر. المثمل: المجمّع

<<  <  ج: ص:  >  >>