للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فازدان، فهى الفتوح التى ظهر بها من آيات المهدىّ-رضى الله عنه-العجب العجاب، وفاض فيها من بركاته الفيض المنساب، ودرّت بها الأرزاق وانتشر الأمن وكرم المآب، وكان أمرها مخصوصا. بالمرتدين، الخاسرين، فمحقهم وطيسها الشديد الغلاّب، وليس لله على ذلك إلا الحمد والشكر والمتاب». ويقول عبد المؤمن فى الرسالة لأهل سبتة: حافظوا على القرآن والتوحيد.

وواضح أن عبد المؤمن ينعت الخارجين عليه بأنهم كفرة مرتدون، إذ ارتدوا عن دعوة الموحدين، وكأنما أصبحت هى الإسلام، فمن ارتد عنها ارتد عن الدين الحنيف. والرسالة فى أوائلها تدعو بالرضا عن الإمام المعصوم المهدى ابن تومرت الذى أخرج بدعوته الناس من الظلمات. وما تلبث الرسالة أن تذكر أن هذا الفتح وغيره من الفتوح إنما هو من بركاته.

وفى الرسالة الرابعة المكتوبة بقلم ابن عطية والموجهة إلى يحيى بن غانيّة صاحب جزر منورقة الرافض لدعوة الموحدين قطعة يصوّر عبد المؤمن له فيها ابن تومرت داعية الموحدين بهذه الصورة التالية:

«هذا الأمر (يريد دعوة الموحدين) -وفّقكم الله-هو أمر المهدى-رضى الله عنه- حقّ فتأمّل، ومع معالمه الجلاء فلا ظنّ ولا تخيل. والمهدى-رضى الله عنه-قد بشّر به النبى-صلّى الله عليه وسلم-فى غير ما حديث، وظهرت علاماته وآياته فى قديم من أمره وحديث، ودلّ على اسمه وزمانه وفعله ومكانه بأدلة رفعت الإشكال والتعسف، فأتى-رضى الله عنه-كما نعت النبى عليه السلام-ووصف، وقال-صلّى الله عليه وسلم-فيه وفى طائفته العزيزة ما قد ظهر ظهور الإشاعة والإذاعة، وقضى بوجوب الائتمار والائتمام والطاعة، وأخبر فى جملة ما أخبر به عنهم أنهم يقاتلون على الحق إلى قيام الساعة. . وقد تبيّن الصبح لذى عينين، وجدع الحق أنف الكذب والمين، وتجلت (١) الهداية ضد الضلال والرّين (٢)».

وعبد المؤمن فى هذه الرسالة ينعت ابن تومرت بما كان ينعت به عنده وعند دعاة الموحدين من تبشير النبى به ووصفه، وما أوجب للمهدى من اتباع دعوته، ومن لم يتبعها حكم عليه بالكفر والارتداد عن الدين الحنيف، ويقول إنهم مأمورون بالقتال عليها إلى قيام الساعة. ورسائل ابن عطية فى «مجموع رسائل موحدية» مكتوبة بلغة مروّقة صافية مع السهولة والسلاسة وقصر الأسجاع فى جوانب كثيرة من الرسائل، مع تضمينها صورا من الاستعارات ومن المحسنات البلاغية. واحتفظ له ابن القطان فى كتابه نظم الجمان برسالة كتبها على لسان عبد المؤمن من تينملل حين زار قبر المهدى فيها لشهر ربيع الأول سنة ٦٤٥ وهى أشبه


(١) فى الأصل: جلت.
(٢) الرين: الدنس.

<<  <  ج: ص:  >  >>