فهو يذكر حرمة الإسلام، ويتذمم بها، ويقول إنه حين مدح بنى أنف الناقة وحدا بهم فسمعه قوم الزبرقان جعلوا ذلك ذمّا لهم وهجاء، لمدحه خصومهم. ونراه يولّى وجهه نحو علقمة بن علاثة، لينشده إحدى مدائحه فيه، ولكن الموت يسبقه إليه فيجزل له ابنه فى العطاء. ويتجه نحو العراق فى عهد عثمان. فيمدح الوليد بن عقبة واليه على الكوفة، ويذود عنه حين يطعن عليه أهلها. وقد حملت عليه أبيات فى ذمه. ويمدح من بعده سعيد بن العاص الذى خلفه فى تلك الولاية، كما يمدحه فى ولايته لمعاوية على المدينة (٤٩ - ٥٥ هـ). ونرى أهلها يجمعون له من أموالهم خشية معرة لسانه. والمظنون أنه توفّى فى ولاية سعيد آنفة الذكر.
وقد كان على شاكلة زهير يعنى بشعره وتجويده عناية شديدة، وقد أثر عنه أنه كان يقول:«خير الشعر الحولىّ المحكّك» فهو ممن كان يتأنّون فى شعرهم، ويعيدون فيه النظر، حتى تخرج جميع الأبيات مستوية فى الجودة والروعة.
ولعل ذلك ما جعله يكثر من المقطّعات، ونراه فى مطوّلاته يشبّب ويصف الصحراء وحيوانها الوحشى والأليف. ومدائحه لا تقل عن مدائح زهير جودة على شاكلة قوله فى بنى أنف الناقة:
يسوسون أحلاما بعيدا أناتها ... وإن غضبوا جاء الحفيظة والجدّ
أولئك قوم إن بنوا أحسنوا البنا ... وإن عاهدوا أوفوا وإن عقدوا شدّوا
وكانوا يعيّرون باسمهم، فما هو إلا أن قال معرّضا بالزبرقان وعشيرته:
قوم هم الأنف والأذناب غيرهم ... ومن يسوّى بأنف الناقة الذّنبا