أن توفى بها، وقد درس عليه شيوخ كثيرون أخذوا عنه علم الفرائض والفقه الشافعى من مثل الشيخ عبد الله العركى والقاضى دشين الشافعى وإبراهيم بن عبودى الذى اشتهر ببراعته فى تدريسه لعلم الفرائض أو المواريث وفيه ألّف حاشيته المعروفة باسم الفرضية. ولم يكتب لفقه المذهب الشافعى أن يعم فى السودان، إنما الذى عم فيه فقه المذهب المالكى للفقهاء المالكية الذين ذكرناهم ممن تلقوا المذهب عن أئمته فى مصر، ولأن نزلاء السودان من الحجاز والكانم والبرنو وغربيهما ومن الليبيين والتونسيين والمغاربة فى حجهم وتجارتهم كانوا مالكية. فالمذهب المالكى هو الذى شاع وانتشر فقهاؤه بالسودان لعصر دولة الفونج.
ومن كبار فقهاء المالكية المصريين الأزهريين الذين رحلوا إلى السودان فى عصر الفونج الشيخ محمد القناوى تلميذ الزرقانى الإمام المالكى الكبير استوطن مدينة بربر بين ديار الشائقية فى الشمال ثم جزيرة سنار فى الجنوب لأوائل النصف الثانى من القرن العاشر الهجرى، وبنى فيها مسجده ودرّس فيه رسالة ابن أبى زيد الفقيه القيروانى والعقائد (فى التوحيد) وعلم النحو وسائر العلوم، وولى القضاء فنهض به فى عفة ونزاهة» ومن أحفاده الشيخ محمد إكداوى نزيل مدينة شندى جنوبى مدينتى بربر وعطبرة، وفيها درّس فى الفقه المالكى رسالة ابن أبى زيد القيروانى مثل جده، ودرّس النحو وعلم الكلام وعلم الأصول والمنطق، وكان يجتمع فى حلقته طلاب كثيرون. ومن فقهاء مصر المالكية هناك الشيخ حامد اللين وكان يشتغل بتدريس رسالة ابن أبى زيد القيروانى فى الفقه المالكى، كما كان يشتغل بتدريس العقائد وعلم التوحيد، وهو أول من أحضر شرح الزرقانى على مختصر خليل وبالمثل شرح الشبرخيتى المالكى على متن العشماوية.
ومن كبار العلماء المصريين الذين نزلوا السودان واستوطنوا مدينة بربر فيه الشيخ محمد المصرى الذى عنى بدراسة علم التوحيد أو علم الكلام حتى وفاته سنة ١٠٩٥ هـ/١٦٨٤ م وكان محمد بن يوسف السنوسى الجزائرى المتوفى سنة ٨٩٥ هـ/١٤٩٠ م ألف فى علم التوحيد أو الكلام ثلاثة أعمال: العقيدة الكبرى وشرحها والعقيدة الوسطى وشرحها والعقيدة الصغرى وشرحها، وسيطرت هذه الأعمال فى مباحث علم التوحيد أو الكلام على الباحثين منذ وضعها لا فى الجزائر وحدها بل فى بلاد المغرب ومصر والعالم الإسلامى. وكان الشيخ محمد المصرى يدرس علم التوحيد للشباب السودانى من خلال هذه الأعمال ويفيض فى شرحها، ويقول ود ضيف الله إن له كتبا شأنها أن تكتب بماء الذهب، منها شرح للعقيدة الوسطى للسنوسى، وشرح للعقيدة الصغرى، وكان السنوسى قد اختصر الصغرى وسماها أم البراهين فشرحها. وكان الشاعر أحمد بن عبد الله الجزائرى فى عصر السنوسى ألف فى العقيدة قصيدة فشرحها وشاعت باسم الجزائرية، ونجد محمدا المصرى يشرحها أيضا-كما يقول ود ضيف الله-