المشهورة، وفيها ينتصر علىّ، وتتم له بيعة أهل العراق.
وقبيل هذه الموقعة وفى أثنائها تكثر الخطب بين أنصار على وخصومه، فهؤلاء يدعون إلى طاعته وأولئك يدعون إلى منابذته، وفى تاريخ الطبرى من هذه الخطب كثرة وافرة، وممن يذكرهم بين من ثبّطوا الناس عنه أبو موسى الأشعرى (١)، أما من استنفروا الناس له فكثيرون، وعلى رأسهم الأشعث ابن قيس والأشتر النخعى وزيد بن صوحان وأخوه سيحان.
وانتدب علىّ أهل العراق لقتال معاوية وأهل الشام، فخرجوا معه إلى صفّين على حدود الفرات حيث التقوا بمعاوية وجنوده، وفى هذه الأثناء تتكاثر الخطب كثرة مفرطة وخاصة فى صفوف على وأصحابه، وكان هو نفسه خطيبا مفوّها. وكان بجيشه غير خطيب من أمثال من ذكرناهم آنفا وأمثال عمار بن ياسر وقيس بن سعد بن عبادة وعدى بن حاتم الطائى وعمرو بن الحمق وشبث بن ربعىّ. وقبل اندلاع الحرب كان يتبادل على ومعاوية الوفود، وكان يخطب غير واحد بين أيديهما، وعبثا تحاول الوفود لمّ الشعث، ويقضى الأمر، وتنشب الحرب ويخطب معاوية محرضا أصحابه. ومن رءوس خطبائه حينئذ عمرو بن العاص.
وتستعر المعركة وترجح كفة على وجيشه رجحانا واضحا، فيلجأ معاوية وأهل الشام إلى الخديعة، إذ يرفعون المصاحف على أسنّة رماحهم، مطالبين بالاحتكام إلى كتاب الله على يد محكّمين يستهدون بآيه. ويغمد القرّاء فى جيش علىّ سيوفهم، ويتبعهم الناس، ويمانعهم على، فيهددونه بأن يصبح مصيره مصير عثمان، وينزل على إرادتهم، ويختار أبو موسى الأشعرى عن أهل العراق وعمرو بن العاص عن أهل الشام. وفى أثناء رجوع على بجيوشه إلى الكوفة، يتبين كثير من جنده أنهم قد خدعوا، ويتلوّمون عليّا لأنه قبل التحكيم، ويعظم الخلاف والشجار بين أصحابه، ويخطب فيهم. ويتكاثر الخطباء بين محبّذ للتحكيم ومنفّر منه، ويخرج عليه فريق كبير من جيشه وينزلون معسكرا خاصّا بهم فى حر وراء بالقرب من الكوفة، فيسمون لذلك بالحرورية، أما الاسم الشامل الذى جمعهم فهو الخوارج.