للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسرعان ما حطبت قيس فى حبله، معلنة ثورتها على الأمويين تحت إمرة الضحاك بن قيس فى الشام وزفر بن الحارث الكلابى فى قرقيسيا بالجزيرة.

وتوالت الأحداث واتفق الأمويون وقبيلة كلب بزعامة ابن بحدل على مبايعة مروان بن الحكم بالخلافة. وثارت قيس الشام، وأوقعت بها كلب وقبائل قضاعة ومن انضم إليهم من تغلب هزيمة ساحقة فى مرج راهط، قتل فيها الضحاك بن قيس. وتمت البيعة لمروان فى الشام، وتبعته مصر. غير أن قيس الجزيرة ثبتت على موقفها بقيادة زفر بن الحارث وانضم إليه عمير بن الحباب السّلمى، وأخذ عمير يغير غارات كثيرة على كلب فى أيام متعاقبة مثل: يوم الغوير ويوم الهيل ويوم كآبة ويوم الإكليل ويوم السماوة ويوم دهمان (١). ووالت قيس غاراتها على تغلب، ونكّل بها عمير فى غير موقعة، وخاصة يوم ماكسين (٢) وكان بين من أسرته قيس فيه القطامى، فلما عرفه زفر خلّى سبيله، وأعطاه مائة من الإبل، مما جعل القطامى ينوه بمأثرته عليه طويلا (٣)، ونمضى فإذا تغلب تقتل عميرا سنة ٧٠ فى إحدى غاراته عليها بالحشّاك إلى جانب نهير الثرثار.

ويثأر له زفر فى موقعة مرج الكحيل حيث فتك بتغلب فتكا ذريعا.

وكان يكفّ عبد الملك فى هذه الأثناء يده عن قيس الجزيرة رجاء أن تتحول إليه، وكان الصراع مندلعا بين المختار الثقفى ومعه أهل الكوفة وبين مصعب بن الزبير ومعه أهل البصرة، فرأى عبد الملك أن ينتظر رجاء أن يفنى بعضهم بعضا، وانتصر مصعب. ولم يعاجله عبد الملك بالهجوم، ونراه يفلح فى جذب زفر إليه، حتى إذا أصبح طريقه آمنا اقتحم بجيوشه العراق وقتل مصعبا سنة ٧١ للهجرة وأرسل الحجاج إلى عبد الله بن الزبير بمكة فقضى عليه.

وبذلك أنقذت تغلب من مخالب قيس، غير أن بقية بقيت لهذه الحروب الدامية إذ تصادف أن الأخطل دخل على عبد الملك وعنده الجحّاف بن حكيم السّلمىّ فسأله عبد الملك هل يعرفه؟ فقال: نعم هذا الذى أقول فيه:

ألا سائل الجحّاف هل هو ثائر ... بقتلى أصيبت من سليم وعامر (٤)


(١) انظر الأغانى (طبعة الساسى) ٢٠/ ١٢١ وما بعدها.
(٢) أغانى ٢٠/ ١٢٧.
(٣) أغانى ٢٠/ ١٢٨.
(٤) يريد الأخطل اليوم الذى قتلت فيه بنو تغلب عمير بن الحباب السلمى.

<<  <  ج: ص:  >  >>